واستوطنها، وترك الجندية، ولبس البقيار، وخدم في ديوان بعلبك مدة سنين، ثم انتقل إلى مشارقة الضواحي في آخر عمره إلى أن درج إلى رحمة الله تعالى، وكان منذ قدم بعلبك إلى أن توفى شيخ الخانكاة النجمية، وتوفى في العشر الآخر من شهر رجب سنة ثلاث وثمانين وست مائة، وهو في عشر الخمسين تقريباً، ودفن بباب سطحاء ظاهر باب دمشق من مدينة بعلبك رحمه الله تعالى.
طالب بن عبدان بن فضائل الرفاعي، المقيم بقصر حجاج في زاويته المشهورة. كان من أصحاب الزوايا، والناس يترددون إليه، وكان رجلاً مباركاً. توفى بزاويته يوم الخميس سادس عشر صفر رحمه الله تعالى. قال أخي رحمه الله حدثني الشيخ طالب البطائحي قال: نزلت مع الشيخ موفق الدين رحمه الله من الجبل، فذهب نحو ميدان الحصاء، ودخل بعض الخانات، فصعد، ودخل بعض بيوت الخان، وتذاكرا نحو ساعة، فقال له الشيخ الموفق: يا شيخ أبا بكر! ما أحسنكم وأحسن طريقكم، لولا حضور السماع! فقال له الشيخ أبو بكر: وأي شيء في سماعنا مما ينكر؟ فدعا الشيخ أبو بكر بفقير عنده، وقال: أنشد شيئاً ليسمع الشيخ موفق الدين ويرى؛ فأنشد الفقير أبياتاً، فحصل للشيخ موفق الدين طيبة، ودمعت عيناه، فلما رأى ذلك الشيخ أبو بكر، أنشد:
إن أنكرت أهل الشريعة كلها ... أمر السماع فإنني لمحله
أو أغمدوا بسيف سنة أحمد ... إني ببدعة حبكم سأسله