ذيل مراه الزمان (صفحة 1536)

كان فقيهاً فاضلاً، قدم دمشق بعد استيلاء التتار على حران، واستوطنها إلى أن توفى بها ليلة الأحد سلخ ذى الحجة، ودفن يوم الأحد بمقابر الصوفية، وقد نيف على الستين رحمه الله وهو من بيت العلم، والحديث، والديانة، وله شهرة ببلده، وكان والده مجد الدين عبد السلام من الأعيان، وكذلك غير واحد من أهل بيته رحمهم الله تعالى.

عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة أبو محمد شمس الدين المقدسي الحنبلي، شيخ الاسلام علماً، وزهداً، وورعاً، وديانة، وأمانة، كبير القدر، جم الفضائل، إليه انتهت الرياسة في الفقه، على مذهب الامام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه، وشرح كتاب المقنع في الفقه تأليف عمه شيخ الاسلام موفق الدين رحمه الله تعالى. وكانت له اليد الطولى في معرفة الحديث، والأصول، والنحو، وغير ذلك من العلوم الشرعية مع العبادة الكثيرة، واللطف وكرم الأخلاق، ولين الجانب، والاحسان إلى القريب والبعيد، والاحتمال، وولى قضاء القضاة بالشام يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة أربع وستين وست مائة مكرها، وباشر ذلك مدة سنين، ثم عزل نفسه، وامتنع من الحكم، وبقي متوفراً على العبادة، والتدريس، والاشتغال، والتصنيف، وكان أوحد زمانه في تعدد الفضائل، والتفرد بالمحامد، وحج غير مرة، ولو يكن له نظير في خلقه، ورياضته، وما هو عليه، وتمرض أياماً، ثم توفى إلى رحمة الله تعالى ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الآخر بمنزله بجبل قاسيون ظاهر دمشق. ودفن يوم الثلاثاء عند قبر والده الشيخ أبي عمر رضي الله عنهما. سمع الكثير وأسمعه، وانتفع به خلق كثير، وكان على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015