ذيل مراه الزمان (صفحة 1535)

هذا أو غيره أو أكلنا من مال أحد شيئاً، وتغير عليه، ولم يقبلها. ولما مات الشيخ محي الدين رحمه الله تعالى خلف كتبه التي صنفها، وغيرها من العلوم الاسلامية مما كتبه بخطه، واشتراه فلم يتعرض والده إليها، وهي تساوي جملة كبيرة، وجعلها عند الشيخ برهان الدين الاسكندري تلميذ الشيخ محي الدين ينفع بها المسلمين، ولم تزل عنده يعيرها لكل من قصد الانتفاع بها، وحصل للناس بها نفع كثير إلى أن مات شرف المذكور، وأولاده الكبار، ولا يتعرض أحد إليها فلما انقرضوا، ولم يبق منهم من له صورة، وافترقوا في سنة تسع وتسعين وست مائة عندما دخل العدو الشام، واحتاجوا إلى بيعها، فحضر من بقي من أولاد شرف، وذلك في سنة سبع مائة إلى التربة الأشرفية، وكانت الكتب في بيت الشيخ برهان الدين، فأخرجت وبيعت بجملة كثيرة، وبلغ ثمنها مبلغاً طائلاً، وتغالى الناس في شرائها، وهم من أثر الخوف، وأخذوا المال، فذهب منهم كله في تلك السنة، ولم يبارك لهم، وأبقوا عندهم من كتب الشيخ بخطه: رياض الصالحين، والأربعين في الأحكام بنوى، لأجل التبرك. وكانت وفاة الحاج شرف يوم الأحد سابع عشر صفر سنة اثنتين وثمانين وست مائة، ودفن بنوى رحمه الله تعالى. وكان قد حج مع والده القدس مراراً، وعادت بركة كل منهما على الآخر رحمهما الله تعالى.

عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية أبو محمد شهاب الدين الحراني الحنبلي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015