قدم السلف رضي الله عنهم في معظم أحواله، ورثاه غير واحد، فمن رثاه شهاب الدين محمود كاتب الدرج بدمشق، وهو ممن اشتغل عليه، وانتفع به، بقوله:
ما للوجود وقد علاه ظلام ... أعراه خطب أم عداه مرام
أم قد أصيب بشمسه فغدا فقد ... لبست عليه حدادها الأيام
لم أدر هل نبذ الظلام نجومه ... أم حل للفلك الأثير نظام
فلقد تنكرت المعالم واستوى ... في ناظري الأشراق والأظلام
وذهلت حتى خلت أني ليس لي ... بعد الفراق سوى الدموع كلام
أترى درى صرف الردى لما رمى ... أن المصاب بسهمه الاسلام
أو أنه ما خص بالسهم الذي ... أصمى به دون العراق الشام
سهم يقصد واحداً فغدا وفي ... كل القلوب لوقعه آلام
ما خلت أن يد المنون لها على ... شمس المعارف والهدى إقدام
من كان يستسقى بغرة وجهه ... إن عاد وجه الغيث وهو جهام
وتنير المسرى لسرة فضله ... فكأنما هي للهدى إعلام
ما خلت أن الدين لولا فقده ... ممن يروع شربه ويضام
كانت تطيب لنا الحياة بأنه ... وبقربه فعلى الحياة سلام
كانت ليالينا بنور بقاءه ... فينا تضيء كأنها أيام
كانت به ترى العيون وتنثني ... ولها إليه تعطش وأوام
من للعلوم وقد علت وعلت به ... أضحت تسامى بعده وتسام