علي بن محمد بن سليم أبو الحسن بهاء الدين الصاحب الوزير المعروف بابن حنّاء وزير الملك الظاهر ركن الدين وولده بعده إلى حين وفاته. مولده بمصر في سنة ثلاث وست مائة، وتوفي بها وقت العصر نهار الخميس سلخ ذي القعدة، وصلي عليه يوم الجمعة قبل الصلاة، ودفن بتربته بالقرافة الصغرى - رحمه الله - ومات وهو جد كان من رجالة الدهر حزماً وعزماً ورأياً وتدبيراً، تنقلت به الأحوال، وتنقل في المناصب الجليلة، وظهرت كفايته ودرايته وحسن تأنّيه، فاستوزره الملك الظاهر - رحمه الله - في أوائل دولته، وفوّض إليه أمور مملكته مما يتعلق بالأموال والولايات والعدل لا يعارض في ذلك، ولا يشارك بل هو المتصل بأعباء ذلك، والمرجع إليه فيه، ولم يزل مستمراً على ذلك إلى حين وفاة الملك الظاهر - رحمه الله - فدبّر الأمور أحسن تدبير، وساس الأحوال في سائر المملكة، واحمل خلقاً كثيراً ممن ناوله، وكان عنده حسن ظن بالفقراء والمشايخ يحسن إليهم - نفع الله بهم - ويقضي حوائجهم ويبالغ في إكرامهم وكان أرباب الحوائج يتوسلون بهم إليه فلا يرد لهم شفاعة. حكي لي أن بعض الصلحاء المتورعين قدم القاهرة في أواخر شعبان فكلف بالاجتماع به لسبب شخص مصادر فاجتمع به وحدثه في ذلك فأجابه ثم قال له: هذا شهر رمضان قد أقبل، واشتهى أن تصومه هنا وتفطر عندي وأقضي لك في كل ليلة عشر حوائج كائنة ما كانت، فنظر ذلك الرجل على ما يترتب في إجابته من المصالح فصام عنده شهر رمضان وأفطر عنده فوفى له بوعده، وكان كلّ ليلة يقضي