ذيل مراه الزمان (صفحة 1290)

له عشر حوائج من إطلاق محبوس وولاية بطال ومسامحة من عليه ماله وهو عاجز عنه إلى غير ذلك. وكان واسع الصدر لا يدري مقدار ما يلزمه من الكلف للأمراء والرؤساء ومن يلوذ بخدمته، وأما عفته من الأموال فإليها المنتهى لا يقبل لأحد هدية إلا أن يكون من المشايخ الصلحاء، ويهدي له ما لا قيمة له فقبله تبركاً ويبرّ الذي سيّره إليه، وقصده جماعة من أكابر الأمراء وغيرهم من أرباب الدولة فلم يبلغوا منه مقصودهم، ولم يجدوا ما يتعلقوا عليه به، ولما توفي الملك الظاهر استمرّ به ولده الملك السعيد - رحمه الله - وبالغ في إكرامه وإعظامه ولم تزل حرمته وافرة تامة ومكانته عالية، وكلمته نافذة، وأوامره مطاعة إلى حين وفاته، وله برّ وأوقاف وكان يتصدق بالجمل الكثيرة سراً وجهراً، وله متاجر تعود نفقتها إليه فمنها معظم نفقاته وصدقاته، ولما ابتلاه الله تعالى بفقد ولديه الصاحب فخر الدين والصاحب محيي الدين - رحمهما الله تعالى، وقد تقدم ذكرهما وحاز لأجر فقدهما، عوضه الله من ذريتهما بأولاد نجباء صدور رؤساء تقرّ بهم عينه وبهم في المعروف وفعل الخير طرائق لم يسبقوا إليها، وفيهم الأهلية التامة والوزارة وغيرها، غير أنهم كانوا يختارون العزلة، وكان الصاحب بهاء الدين - رحمه الله - ممدّحاً مدحه جماعة كثيرة من الشعراء بغرر القصائد، وكان يهش لذلك، ويجزيهم الجوائز السنية، عمل فيه الحاج رشيد الدين الفارقي الآتي ذكره في هذا الكتاب إن شاء الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015