ذيل مراه الزمان (صفحة 1189)

والمدرسة الإقبالية للشافعية. وولى مشيخة دار الحديث الأشرفية - رحم الله واقفها - اسقلالاً في شهر رمضان سنة خمس وستين بعد وفاة شمس الدين أبي شامة، ولم يزل مستمراً بها إلى حين وفاته، ونشر فيها علماً جماً وأفاد الطلبة وغيرهم. واختصر كتاب معرفة علوم الحديث للشيخ تقي الدين عماد بن الصلاح - رحمه الله، والمحرر لإمام الدين الرافعي في الفقه، وشرح صحيح مسلم؛ وجمع مسائل الخلاف التي في التنبيه من القولين والوجهين وبين الأصح منهما، وجمع غير ذلك مما يطول شرحه. وكان كثير التلاوة للقرآن العزيز والذكر لله تعالى، معرضاً عن الدنيا مقبلاً على الآخرة من حال ترعرعه.

قال الشيخ ياسين بن يوسف الزركشي: رأيته وهو ابن عشر سنين أو نحوها، والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوقع في قلبي محبته وكان أبوه قد جعله في دكان لا يشتغل بالبيع ولا بالشرى غير تلاوة القرآن. قال: فأتيت الذي يقرئه القرآن فوصيته وقلت له: هذا الصبي يرجى أن يكون من أعلم الناس، فذكر ذلك لوالده، فحرض عليه إلى ختم القرآن، وقد ناهز الاحتلام.

قال الشيخ محيي الدين: لما كان عمري تسعة عشر سنة قدم بي والدي إلى دمشق سنة تسع وأربعين فسكنت الرواحية وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض، وكان قوتي فيها جراية المدرسة لا غير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015