ذيل مراه الزمان (صفحة 1190)

وحفظت التنبيه في أربعة أشهر ونصف، وحفظت ربع العبادات من المهذب في باقي السنة. وجعلت أشرّح وأصحح على الشيخ كمال الدين اسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي معيد المدرسة إلى أن أمرني بإعادة دروسه في حلقته. فلما دخلت سنة إحدى وخمسين حججت مع والدي، وكانت وقفة الجمعة، وأقمنا بالمدينة نحواً من شهر ونصف. فلما وصلنا إلى دمشق لازمت الإشتغال، فلم أزل أشتغل بالعلم وأقتفي آثار العلماء الصالحين من العبادة والصلاة، وصيام الدهر وقيام الليل، والزهد والورع، وعدم إضاعة شيء من أوقاته إلى أن توفى إلى رحمة الله تعالى.

وكان لما قدم دمشق أول قدومه إليها للإشتغال لم يكن له معرفة بالشيخ جمال الدين عبد الكافي، فاجتمع به وعرّفه مقصده، فأخذه وتوجه به إلى حلقة الشيخ تاج الدين عبد الرحمن الفراري؛ فقرأعليه دروساً وبقي ملازمه مدة، ولم يكن له موضع يأوي إليه فسأل من الشيخ تاج الدين موضعاً يسكنه، ولم يكن بيد الشيخ تاج الدين إذ ذاك من المدارس سوى الصارمية، وليس لها بيوت؛ فدله على الشيخ كمال الدين إسحاق بالرّواحية، فتوجه إليه ولازمه واشتغل عليه وصار منه ما صار. واتفق أن الملك الظاهر عند ما فتح الفتوحات المشهورة، وغنم الناس الجواري وتسروا بهن، سئل الشيخ تاج الدين - رحمه الله - فرّخص في ذلك، وصنف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015