ذيل مراه الزمان (صفحة 1186)

في كل سنة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ويغرم عليها جملة كثيرة ويجتمع فيه خلق كثير عظيم، وكان يكتسب بعمل الحرير وغيره، ولا يقبل بر أحد إلا أن يكون صاحبه، فيقبله على سبيل الهدية. وكان له جدة كبيرة وصدقة وبر، ويتكلم في زاويته على طريق الوعاظ، وعنده فضيلة، وتعبد كبير، ولكثير من الناس به عقيدة حسنة، وكان موضعاً لذلك. وتوفي إلى رحمة الله تعالى بزاويته ليلة الاثنين ثاني وعشرين شهر رجب، ودفن من الغد بالقرافة الصغرى رحمه الله تعالى.

ومن العجب أنني كنت أجتمع به في السنة الخالية، وتحادثنا فشرع يتبرم بسكنى الديار المصرية، ويقول: وددت لو كنت بالشام - مقر الأنبياء - لأموت به. فقلت له: ما يمنعك من النقل إلى الشام؟ فقال لي: هنا معشوق لا أقدر على مفارقته ولا البعد عنه. فقلت: من هو؟ قال: الشيخ شمس الدين بن الشيخ العماد. فاتفق موت الشيخ شمس الدين رحمه الله في أوائل هذه السنة. وموت الفقيه ابن منظور رحمه الله في هذا التاريخ بينهما ستة أشهر جمع الله بينهما في دار كرامته.

محمد بن حياة بن يحيى بن محمد أبو عبد الله تقي الدين الرقي الفقيه الشافعي. كان رجلاً فاضلاً كثير الديانة من العلماء الأتقياء. تولى الحكم بعدة جهات، منها: حمص والقدس، وناب بدمشق ثم تولى قضاء القضاة بحلب وأعمالها، ودرّس في مدارس عدة، ثم استعفى من ذلك كله. وانتقل إلى دمشق وقنع بإمامة المدرسة العادلية الكبيرة مع حضور دروس يسيرة في بعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015