ذيل مراه الزمان (صفحة 1179)

لا يشرب إلا بها، ومن يكرمه بأن يناوله ذلك الهناب من يده. واتفق قيام الملك القاهر إلى البزال، فجعل الملك الظاهر ما في الورقة من هناب وأمسكه بيده. فلما عاد الملك القاهر ناوله إياه، فقبّل الأرض وشربه، وقام الملك الظاهر ليبزل فأخذ الساقي الكأس من يد الملك القاهر وملأه على العادة وأمسكه، ووقف مع السقاة رفاقه. فجاء الملك الظاهر من البزال، وتناول ذلك الكأس بعينه، فشربه وهو لا يشعر. فلما فرغ من شربه استشعر وعلم أنه شرب من ذلك الكأس الذي فيه آثار السم وبقاياه، فقام لوقته وحصل له ألم وتخيل، واشتد به المرض أياماً ومات كمل تقدم. وأما الملك القاهر فمات غد ذلك اليوم. هذا مضمون ما ذكره ابن المولى تاج الدين نوح، وذكر أن عز الدين العلائي بلغه ذلك من مطلع لا يشك في أخباره والله أعلم بحقيقة ذلك.

عتيق بن عبد الجبار بن عتيق أبو بكر عماد الدين الأنصاري الصقلي الأصل. كان من أعيان العدول بدمشق، ومن كتّاب الحكم عند قضاتها، كثير الديانة والصلاة والتعبد، مكباً على سماع الأحاديث النبوية، متواضعاً لين الكلمة. دخل بكرة نهار الجمعة ثامن شوال إلى المدرسة المقدمية التي داخل باب الفراديس بدمشق ليسبغ الوضوء من بركتها، فسقط في البركة وهي كبيرة، ولم يكن عنده من يخرجه منها، فتوفي إلى رحمة الله تعالى غريقاً شهيداً، ودفن من يومه بسفح قاسيون وهو في عشر السبعين رحمه الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015