الوجه الثاني أن الله تبارك وتعالى ذكر الفلك في موضعين من القرآن لا غير. فقال تعالى في سورة الأنبياء {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وقال تعالى في سورة يس {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} فذكر تبارك وتعالى من آياته الليل وسلخ النهار منه وجريان الشمس لمستقرها وتقدير القمر منازل وكلها من الآيات الدالة على عظمته وكمال قدرته. ولم يأمر تبارك وتعالى بالتفكر في الفلك لا في هذه الآيات ولا في غيرها من القرآن. فمن زعم أن الله تعالى أمر عباده بالتفكر في الفلك فقد افترى على الله الكذب. وكذلك من زعم أن الآيات من كتاب الله توجه الأفكار والأنظار إلى الفلك الأعظم فقد كذب على الله وعلى كتابه.

الوجه الثالث أن مراد الصواف بالأمر بالتفكر في الفلك وتوجيه الأفكار والأنظار إليه هو ما صرح به في صفحة 25 من أن المراد به التحقيق العلمي والوصول إلى الأسرار الكامنة وراء هذه المخلوقات الكونية الهائلة. وما صرح به أيضا فيما نشره في جريدة الدعوة من أن المراد به النظر للبحث والعلم والتحقيق. يعني البحث عن الأجرام العلوية وعن مقادير أحجامها ووزنها وأبعادها ووصول نور كل منها إلى الأرض وما بينها من التفاوت في الحجم والوزن والبعد وعما فيها من جبال وبحار وسكان وغير ذلك مما توهمه أهل المراصد من فلاسفة الإفرنج وحشاه الصواف في رسالته, وزعم أن ذلك من العلم والتحقيق في علم الفلك وأن الله تعالى أمر عباده بالتفكر فيه وأن الآيات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015