من الإنس, فالصحابة رضي الله عنهم أجل قدرا من أن يتعلقوا بشيء من ذلك أو يروج عندهم وإنما يروج ذلك عند جهال العصريين استزلهم الشيطان وأغواهم وفتنهم بتقليد أعداء الله وقبول آرائهم الفاسدة وظنونهم الكاذبة.
وقد قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه (نقض المنطق): من المعلوم من حيث الجملة أن الفلاسفة والمتكلمين من أعظم بني آدم حشوا وقولا للباطل وتكذيبا للحق في مسائلهم ودلائلهم لا يكاد - والله أعلم - تخلو لهم مسألة واحدة عن ذلك.
وقال أيضا في الكتاب المذكور: إذا تدبر المؤمن العليم سائر مقالات الفلاسفة وغيرهم من الأمم التي فيها ضلال وكفر وجد القرآن والسنة كاشفين لأحوالهم مبينين لحقهم مميزين بين حق ذلك وباطله.
والصحابة رضي الله عنهم كانوا أعلم الخلق بذلك, كما كانوا أقوم الخلق بجهاد الكفار والمنافقين, كما قال فيهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).
فأخبر عنهم بكمال بر القلوب مع كمال عمق العلم, وهذا قليل في المتأخرين - إلى أن قال وأهل التعمق في العلم قد يدركون من معرفة الشرور والشبهات ما يوقعهم في أنواع الغي والضلالات, وأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا أبر الخلق قلوبا وأعمقهم علما.