وهذا الحديث الصحيح صريح في بيان المراد من قول الله تعالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} وفيه الرد على من تأول الآية على غير تأويلها.
الوجه الثامن قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: "من فسر القرآن والحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله، محرف للكلم عن مواضعه". انتهى.
ومن الافتراء على الله والإلحاد في آياته وتحريف الكلم عن مواضعه تفسير المستقر بالمحور الذي تدور عليه الشمس على حد زعمهم الباطل. ومخالفة ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير قول الله تعالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} الآية. وقد تقدم حديث أبي ذر رضي الله عنه في ذلك وفيه كفاية في الرد على من فسر المستقر بالمحور.
الوجه التاسع أن تفسير المستقر بالمحور الذي تدور عليه الشمس وهي ثابتة في موضعها كما تدور المروحة السقفية الكهربائية خطأ مردود من وجهين.
أحدهما أن الذي يجري لا يثبت في موضعه بل يفارقه بالانتقال إلى غيره كما قال الله تعالى مخبرا عن سفينة نوح عليه السلام {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ} الآيات إلى قوله تعالى {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} الآية ففرق تبارك وتعالى بين جري السفينة في الماء وبين رسوها واستوائها على جبل الجودي.
وقال تعالى {وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * إِنْ يَشَا يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} ففرق سبحانه وتعالى بين جري السفن في الماء وبين ركودها على ظهر البحر وهو وقوفها وسكونها عليه.