إِذَا فَرَّقَتْ بَيْنَ الْمُحِبِينَ سَلْوَةٌ ... فَحُبُكَ لِي حَتَّى الْمَمَاتِ قَرِينُ
سَأُصْفِيكَ وُدِي مَا حَيِيتُ فَإِنْ أَمُتْ ... بِوُدِّكَ عَظْمِي فِي التُّرَابِ دَفِينُ
بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الأَشْرَافِ أَنَّهُ اجْتَازَ بِمَقْبَرَةٍ فَإِذَا جَارِيَةٌ حَسْنَاءُ عَلَيْهَا ثِيَابٌ سَوْدَاءُ فَعَلَقَتْ بِقَلْبِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهَا
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الشَّمْسَ وَاحِدَةٌ ... وَالْبَدْرُ فِي مَنْظَرٍ بِالْحُسْنِ مَوْصُوفُ
حَتَّى رَأَيْتُكِ فِي أَثْوَابِ ثَاكِلَةٍ ... سُودٍ وَصُدْغُكِ فَوْقَ الْخَدِّ مَعْطُوفُ
فَرُحْتُ وَالْقَلْبُ مِنِّي هَائِمٌ دَنِفٌ ... وَالْكِبْدُ حَرَّى وَدَمْعُ الْعَيْنِ مَذْرُوفُ
رُدِّي الْجَوَابَ فَفِيهِ الشُّكْرُ وَاغْتَنِمِي ... وَصْلَ الْمُحِبِّ الَّذِي بِالْحُبِّ مَوْقُوفُ
وَرَمَى بِالرُّقْعَةِ إِلَيْهَا فَلَمَّا قَرَأَتْهَا كَتَبَتِ الْجَوَابَ
إِنْ كُنْتَ ذَا حَسَبٍ بَاقٍ وَذَا نَسَبٍ ... إِنَّ الشَّرِيفَ غَضِيضُ الطَّرْفِ مَعْرُوفُ
إِنَّ الزُّنَاةَ أُنَاسٌ لَا خَلاقَ لَهُمْ ... فَاعْلَمْ بِأَنَّكَ يَوْمَ الدِّينِ مَوْقُوفُ
وَاقْطَعْ رجاك كاك اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ ... فَإِنَّ قَلْبِي عَنِ الْفَحْشَاءِ مَصْرُوفُ
فَلَمَّا قَرَأَ الرُّقْعَةَ زَجَرَ نَفْسَهُ وَقَالَ لَبِئْسَ امْرَأَةٌ تَكُونُ أَشْجَعَ مِنْكِ ثُمَّ تَابَ وَلَبِسَ مِدْرَعَةً مِنْ شَعْرٍ وَالْتَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ فَبَيْنَا هُوَ فِي الطَّوَافِ يَوْمًا إِذَا بِجَارِيَةٍ عَلَيْهَا جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ وَإِذَا هِيَ تِلْكَ الْجَارِيَةُ
فَقَالَتْ مَا أَلْيَقَ هَذَا بِالشَّرِيفِ هَلْ لَكَ فِي الْمُبَاحِ فَقَالَ كُنْتُ أَرُومُ هَذَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْحَقَّ وَأَحِبَّهُ وَالآنُ فَقَدْ شَغَلَنِي حُبُّهُ عَنْ حُبِّ غَيْرِهِ فَقَالَتْ لَهُ أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ مَا قُلْتُ لَكَ هَذَا إِلا لاخْتِبَارِكَ لأَعْلَمَ حَدَّ مَا انْتَهَيْتَ إِلَيْهِ
ثُمَّ طَافَتْ وَأَنْشَدَتْ
وَطُفْنَا فَلاحَتْ فِي الطَّوَافِ لَوَائِحٌ ... غَنِينَا بِهَا عَمَّا يُشَاهَدُ بِالْعَقْلِ