فَصْلٌ وَقَدْ ذَكَرَ قَوْمٌ أَنَّ الْمُتَنَزَّهَاتِ الْمُونِقَةُ وَالْمَسْمُوعَاتِ الْمُطْرِبَةِ تُسَلِّي وَهَذِهِ
رُبَّمَا زَادَتْ فِي عِشْقِ قَوْمٍ فُصُولٌ فِي مُعَالَجَةِ الْبَاطِنِ
الْهَوَى فَمَتَى تَرَدَّدَ الأَمْرُ عِنْدَ النَّفْسِ أَوْ ضَعُفَ الْعَزْمُ لَمْ يَنْفَعْ دَوَاءٌ أَصْلا
الْفَضَائِلِ فَمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ هِمَّةٌ أَبِيَّةٌ لَمْ يَكَدْ يَتَخَلَّصْ مِنْ هَذِهِ الْبَلِيَّةِ فَإِنَّ ذَا الْهِمَّةِ يَأْنَفُ أَنْ يَمْلِكَ رِقَّهُ شَيْءٌ وَمَا زَالَ الْهَوَى يَذِلُّ أَهْلَ الْعِزِّ وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِنَا أَنَّ الرَّشِيدَ عَشِقَ جَارِيَةً وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ
أَرَى مَاءً وَبِي عَطَشٌ شَدِيدٌ ... وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ إِلَى الْوُرُودِ
أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلُكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدِي
وَأَنَّكِ لَوْ قَطَعْتِ يَدِي وَرِجْلِي ... لَقُلْتُ مِنَ الرِّضَا أَحْسَنْتِ زِيدِي
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ حَمَّادٍ الْبَرْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ قَالَ قَالَ هَارُونُ الرَّشِيدُ فِي ثِلاثِ جَوَارٍ
مَلَكَ الثَّلاثُ الْغَانِيَاتُ عِنَانِي ... وَحَلَلْنَ مِنْ قَلْبِي بِكُلِّ مَكَانِ