فَقُلْتُ لَهُمْ
مَا يُذْهِبُ الْحُبَّ بَعْدَمَا ... تَمَكَّنَ مَا بَيْنَ الْجَوَانِحِ وَالصَّدْرِ
فَمَكَثَ عُمَرُ أَيَّامًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِجَازَتِهِ فَرَأَتْهُ وُلَيْدَةٌ لَهُ مَهْمُومًا فَسَأَلَتْهُ فَأَخْبَرَهَا فَخَطَرَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَهِيَ تَقُولُ فَقَالُوا
دَوَاءُ الْحُبِّ حُبٌّ تُفِيدُهُ ... مِنْ آخَرَ أَوْ نَأْيٌ بَعِيدٌ عَلَى الْهَجْرِ
وَإِلا فَيَأْسٌ تَصْبِرُ النَّفْسُ بَعْدَمَا ... رَجَتْ أَمَلا وَالْيَأْسُ عَوْنٌ عَلَى الصَّبْرِ
فَقَالَ فَرَّجْتِ عَنِّي
دَوَاءٌ أَنَّهُ يُقَلِّلُ الْحَرَارَةَ الَّتِي مِنْهَا يَنْتَشِرُ الْعِشْقُ وَإِذَا ضَعُفَتِ الْحَرَارَةُ الْغَرِيزِيَّةُ حَصَلَ الفتور وَبرد الْقلب فَحَمدَ لَهَبُ الْعِشْقِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرُّومِيِّ
وَطَأْ مَنْ شِيبٍ يُغْنِيكَ ... عَنِ الْحَسْنَاءِ فِي الذُّرْوَهْ
إِلَى الْمَوْتَى وَالتَّفَكُّرُ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُطْفِئُ نِيرَانَ الْهَوَى كَمَا أَنَّ سَمَّاعَ الْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ يُقَوِيهِ فَمَا هُوَ كَالضِّدِّ يُضْعِفُهُ وَكَذَلِكَ مُوَاصَلَةِ مَجَالِسِ التَّذَكُّرِ وَمُجَالَسَةِ الزُّهَّادِ وَسَمَاعِ أَخْبَارِ الصَّالِحِينَ وَالْمَوَاعِظَ
وَكُلِّ ذَلِكَ يُخْرِجُ الإِنْسَانَ عَنْ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ إِلَى حَيِّزِ الْحُزْنِ وَالْفِكْرِ وَذَلِكَ يُضَادُّ الْعِشْقَ