وَقَدْ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنبأَنَا الْمُبَارك بن الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ حَيُّوَيْهِ عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْن عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي رَأَيْتُ امْرَأَةً جَمِيلَةً فَعَشِقْتُهَا فَقَالَ عُمَرُ ذَاكَ مَالا يَمْلِكُ
فَإِنْ قِيلَ فَمَا عِلاجُ الْعِشْقِ إِذَا وَقَعَ بِأَوَّلِ لَمْحَةٍ
قِيلَ عِلاجُهُ الإِعْرَاضُ عَنِ النَّظَرِ فَإِنَّ النَّظَرَ مِثْلُ الْحَبَّةِ تُلْقَى فِي الأَرْضِ فَإِذَا لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهَا يَبِسَتْ وَإِنْ سُقِيَتْ نَبَتَتْ فَكَذَلِكَ النَّظْرَةُ إِذَا أُلْحِقَتْ بِمِثْلِهَا
وَتُحْذَرُ فَلا يَنْبَغِي أَنْ تُحْقَرَ هَذِهِ النَّظْرَةُ فَرُبَّمَا أَوْرَثَتْ صَبَابَةً صَبَّتْ دَمِ الصَّبِّ
أَنْشَدَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو زَكَرِيَّا قَالَ أنشدنا ابْن نحريز الْبَغْدَادِيُّ
تَوَلَّعَ بِالْعِشْقِ حَتَّى عَشِقَ ... فَلَمَّا اسْتَقَلَّ بِهِ لَمْ يُطِقْ
رَأَى لُجَّةً ظَنَّهَا مَوْجَةً ... فَلَمَّا تمكن منا غرق
وَلما رأى أدمعا تستهل ... وَأَبْصَرَ أَحْشَاءَهُ تَحْتَرِقْ
تَمَنَّى الإِفَاقَةَ مِنْ سُكْرِهِ ... فَلَمْ يَسْتَطِعْهَا وَلَمْ يَسْتَفِقْ
وَعِلاجُ هَذِهِ النَّظْرَةِ بِالنَّظَرِ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ شَرِّ النَّظَرِ وَخَوْفِ الْعُقُوبَةِ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَاجِلا وَآجِلا وَالْحَذَرُ مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهَا وَمَا تَجُرُّ وَتَجْنِي