وَكَانَ عَلَى رَأْسِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ غُلامٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا فَلَمَّا رَأَى مَا صَنَعَتِ الْجَارِيَةُ قَالَ
أَنْتِ الَّتِي غَرَّقْتِنِي ... بَعْدَ الْقَضَا لَوْ تَعْلَمِينَا
لَا خَيْرَ بَعْدَكِ إِنْ بَقِينَا ... وَالْمَوْتُ زَيْنُ الْعَاشِقِينَا
وَأَلْقَى نَفْسَهُ خَلْفَهَا فَغَرِقَ فَاشْتَدَّ عَلَى إِسْحَاقَ وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمَا فَأُخْرِجَا مِنَ الْمَاءِ فَدُفِنَا
وَقَدْ رُوِيَتْ لَنَا هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ قَالَ حَدثنَا مَيْمُون بن هرون الْكَاتِبُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْن إِسْحَاقَ الْقَاضِي قَالَ انْحَدَرْتُ مِنْ سِرِّ مَنْ رَأَى مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَخِي إِسْحَاقَ وَدِجْلَةُ تَزْخَرُ مِنْ كَثْرَةِ مَائِهَا فَلَمَّا أَنْ سِرْنَا سَاعَةً قَالَ أَرْفُوا بِنَا ثُمَّ دَعَا بِطَعَامِهِ فَأَكَلْنَا ثُمَّ قَالَ مَا تَرَى فِي النَّبِيذِ قُلْتُ لَهُ أَعَزَّ اللَّهُ الأَمِيرَ هَذِهِ دِجْلَةُ قَدْ جَاءَتْ بِمَدٍّ عَظِيمٍ يُرْعِبُ مِثْلُهُ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْزِلِكَ مَبِيتُ لَيْلَةٍ فَلَوْ شِئْتَ أَخَرَّتَهُ قَالَ لَا بُدَّ لِي مِنَ الشِّرَابِ فَضُرِبَتْ سِتَارَةٌ وَانْدَفَعَتْ مُغَنِّيَةٌ فَغَنَّتْ ثُمَّ انْدَفَعَتْ أُخْرَى فَغَنَّتْ
يَا رَحْمَتَا لِلْعَاشِقِينَا ... مَا إِنْ أَرَى لَهُمْ مُعِينَا
كَمْ يُشْتَمُونَ وَيُضْرَبُونَ ... وَيُهْجَرُونَ فَيَصْبِرُونَا
فَقَالَتْ لَهَا الْمُغَنِيَّةُ الأُولَى فَيَصْنَعُونَ مَاذَا قَالَتْ يَصْنَعُونَ هَكَذَا فَرَفَعَتِ السِّتَارَةِ وَقَذَفَتْ بِنَفْسِهَا فِي دِجْلَةَ وَكَانَ بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدٍ غُلامٌ ذَكَرَ أَنَّ شِرَاءَهُ أَلْفَ دِينَارٍ بِيَدِهِ مَذَبَّةٌ لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهُ فَوَضَعَ الْمَذَبَّةَ وَقَذَفَ بِنَفْسِهِ فِي دِجْلَةَ وَهُوَ يَقُولُ