ذم الهوي (صفحة 375)

الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ وَكَانَ لَهَا مُكْرِمًا وَعَلَيْهَا مُفْضِلا الإِفْضَالَ الْعَظِيمَ فَتَأَثَّلَتْ حَالُهَا وَانْضَافَ ذَلِك إِلَى عَظِيم نعمتها الْمَوْرُوثَةِ وَقُتِلَ الْمُقْتَدِرُ فَأَفْلَتَتْ مِنَ النَّكْبَةِ وَسَلِمَ لَهَا جَمِيعُ أَمْوَالِهَا وَذَخَائِرِهَا حَتَّى لَمْ يَذْهَبْ لَهَا شَيْءٌ وَخَرَجَتْ عَنِ الدَّارِ فَكَانَ يَدْخُلُ إِلَى مَطْبَخِهَا حَدَثٌ يَحْمِلُ فِيهِ عَلَى رَأْسِهِ يُعْرَفُ بِمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَكَانَ حَرِكًا فَنَفَقَ عَلَى الْقَهْرَمَانَةِ بِخِدْمَتِهِ فَنَقَلُوهُ إِلَى أَنْ صَارَ وَكِيلَ الْمَطْبَخِ وَتَرَقَّى أَمْرُهُ حَتَّى صَارَ يَنْظُرُ فِي ضِيَاعِهَا وَعَقَارِهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا فَصَارَتْ تُكَلِّمُهُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ وَخَلْفَ بَابٍ أَوْ سِتَارَةٍ وَزَادَ اخْتِصَاصُهُ بِهَا حَتَّى عَلَقَ بِقَلْبِهَا فَاسْتَدْعَتْهُ إِلَى تَزْوِيجِهَا فَلَمْ يَجْسُرْ عَلَى ذَلِكَ فَجَسَّرَتْهُ وَبَذَلَتْ مَالا حَتَّى تَمَّ لَهُ ذَلِكَ

وَقَدْ كَانَتْ حَالُهُ تَأَثَّلَتْ بِهَا وَأَعْطَتْهُ لَمَّا أَرَادَتْ ذَلِكَ مِنْهُ أَمْوَالا جَعَلَهَا لِنَفْسِهِ نِعْمَةً ظَاهِرَةً لِئَلا يَمْنَعَهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْهُ بِالْفَقْرِ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ ثُمَّ هَادَتِ الْقُضَاةَ بِهَدَايَا جَلِيلَةٍ حَتَّى زَوَّجُوهَا مِنْهُ وَاعْتَرَضَ الأَوْلِيَاءُ فَغَالَبَتْهُمْ بِالْحُكْمِ وَالدَّرَاهِمِ فَتَمَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَهَا فَأَقَامَ مَعَهَا سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ فَحَصَلَ لَهُ من مَالهَا نَحْو ثَلَاثمِائَة أَلْفِ دِينَارٍ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً فَهُوَ يَتَقَلَّبُ إِلَى الآنَ فِيهَا

قَالَ أَبِي وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا هَذَا الرَّجُلَ وَهُوَ شَيْخٌ عَاقِلٌ شَاهِدٌ مَقْبُولٌ تَوَصَّلَ بِالْمَالِ إِلَى أَنْ قَبِلَهُ أَبُو السَّائِبِ الْقَاضِي حَتَّى أَقَرَّ فِي يَدِهِ وُقُوفَ الْحُرَّةِ وَوَصِيَّتَهَا لأَنَّهَا وَصَّتْ إِلَيْهِ فِي أَمْوَالِهَا وَأَوْقَافِهَا وَهُوَ إِلَى الآنَ لَا يُعْرَفُ إِلا بِزَوْجِ الْحُرَّةِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْحُرَّةُ لأَجْلِ تَزْوِيجِ الْمُقْتَدِرِ بِهَا وَهَكَذَا عَادَةُ الْخُلَفَاءِ لِغَلَبَةِ الْمَمَالِيكِ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ زَوْجَةٌ قِيلَ الْحُرَّةُ

قَالَ الْخَطِيبُ قَالَ لَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ زَوْجَ الْحُرَّةِ جَارَنَا وَسَمِعْتُ مِنْهُ مَجَالِسَ مِنْ أَمَالِيهِ وَكَانَ يَحْضُرُهُ فِي مَجْلِسِ الْحَدِيثِ الْقَاضِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015