فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مُنْفَرِدًا يَشْرَبُ وَحْدَهُ عَلَى مَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ أَخَذَ النَّبِيذُ مِنْهُ إِذْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَنْ يَأْخُذَ قَبَسَ نَارٍ وَيَحْرِقُ دَارَهُ عَلَيْهِ لِتَجَنِّيهِ عَلَيْهِ فَقَامَ مِنْ حِينِهِ وَنَهَضَ بِقَبَسِ نَارٍ فَجَعَلَهُ عِنْدَ بَابِ الْغُلامِ فَاشْتَعَلَ نَارًا وَاتَّفَقَ أَنْ رَآهُ بَعْضُ الْجِيرَانِ فَبَادَرُوا النَّارَ بِالإِطْفَاءِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا نَهَضُوا إِلَى الْقَاضِي فَأَعْلَمُوهُ وَشَكَوْا مِنْهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْقَاضِي وَقَالَ لَهُ لأَيِ شَيْءٍ أَحْرَقْتَ بَابَ هَذَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ
لَمَّا تَمَادَى عَلَى بُعَادِي ... وَأَضْرَمَ النَّارَ فِي فُؤَادِي
وَلَمْ أَجِدْ مِنْ هَوَاهُ بُدَّا ... وَلا مُعِينًا عَلَى السُّهَادِ
حَمَلْتُ نَفْسِي عَلَى وُقُوفِي ... بِبَابِهِ حَملَة الْجواد
فَطَافَ مِنْ بَعْضِ نَارِ قَلْبِي ... أَقَلَّ فِي الْوَصْفِ مِنْ زِنَادِي
فَأَحْرَقَ الْبَابَ دُونَ عِلْمِي ... وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ مِنْ مُرَادِي قَالَ فَاسْتَظْرَفَهُ الْقَاضِي وَتَحَمَّلَ عَنْهُ مَا أَفْسَدَ وَخَلَّى سَبِيلَهُ أَوْ كَمَا قَالَ
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ قَالَ أنشدنا على ابْن مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ الصَّنَوْبَرِيُّ لِنَفْسِهِ
أَخَذُوا لِلسَّيْرِ أَهُبَّتَهُ ... وَأَخَذْنَا أَهُبَّةَ الْكَمَدِ
زَعَمُوا أَنَّ الْفِرَاقَ غَدًا ... وَفِرَاقُ الرُّوحِ بَعْدَ غَدِ
حدث الْأَصْمَعِي قَالَ رَأَيْتُ امْرَأَةً فِي الطَّوَافِ وَهِيَ تَقُولُ اللَّهُمَّ مَالِكَ يَوْمَ الْقَضَا وَخَالِقَ الأَرْضَ وَالسَّمَا