أَتَيْتُكَ لَمَّا ضَاقَ فِي الأَرْضِ مَسْلَكِي ... وَأُنْكِرْتُ مِمَّا قَدْ أُصِيبَ بِهِ عَقْلِي فَفَرِّجْ كَلاكَ اللَّهُ عَنِّي فَإِنَّنِي ... لَقِيتُ الَّذِي لَمْ يَلْقَهُ أَحَدٌ قَبْلِي
وَخُذْ لِي هَدَاكَ اللَّهُ حَقِّي مِنَ الَّذِي ... رَمَانِي بِسَهْمٍ كَانَ أَهْوَنُهُ قَتْلِي
وَكُنْتُ أُرَجِّي عَدْلَهُ إِنْ أَتَيْتُهُ ... فَأُكْثِرُ تِرْدَادِي مَعَ الْحَبْسِ وَالْكَبْلِ
فَطَلَّقْتُهَا مِنْ جَهْدِ مَا قَدْ أَصَابَنِي ... فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَدْلِ
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ ادْنُ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَا خَطْبُكَ فَقَالَ أَطَالَ اللَّهُ بِقَاءَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ تَزَوَّجْتُ ابْنَةَ عَمٍّ لِي وَكَانَتْ لِي صِرْمَةٌ مِنْ إِبِلٍ وَشُوَيْهَاتٌ فَأَنْفَقْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصَابَتْنِي نَائِبَةُ الزَّمَانِ وَحَادِثَاتُ الدَّهْرِ رَغِبَ عَنِّي أَبُوهَا وَكَانَتْ جَارِيَةً فِيهَا الْحَيَاءُ وَالْكَرَمُ فَكَرِهَتْ مُخَالَفَةَ أَبِيهَا فَأَتَيْتُ عَامِلَكَ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ وَبَلَغَهُ جَمَالَهَا فَأَعْطَى أَبَاهَا عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَتَزَوَّجَهَا فَأَخَذَنِي وَحَبَسَنِي وَضَيَّقَ عَلَيَّ فَلم أَصَابَنِي مَسُّ الْحَدِيدِ وَأَلَمُ الْعَذَابِ طَلَّقْتُهَا وَقَدْ أَتَيْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتَ غِيَاثُ الْمَحْرُوبِ وَسَنَدُ الْمَسْلُوبِ فَهَلْ مِنْ فَرَجٍ ثُمَّ بكا وَقَالَ فِي بُكَائِهِ
فِي الْقَلْبِ مِنِّي نَارٌ ... وَالنَّارُ فِيهَا شَرَارُ
وَالْجِسْمُ مِنِّي نَحِيلٌ ... وَاللَّوْنُ فِيهِ اصْفِرَارُ
وَالْعَيْنُ تَبْكِي بِشَجْوٍ ... فَدَمْعُهَا مِدْرَارُ وَالْحُبُّ دَاءٌ عَسِيرٌ ... فِيهِ الطَّبِيبُ يَحَارُ
حَمَلْتُ مِنْهُ عَظِيمًا ... فَمَا عَلَيْهِ اصْطِبَارُ
فَلَيْسَ لَيْلِي بِلَيْلٍ ... وَلا نَهَارِي نَهَارُ