ابْن صَالِحٍ عَنِ ابْنِ دَأْبٍ قَالَ مَرَّ عَمْرُو بْنُ مَنَاةَ الْخُزَاعِيُّ بِلَيْلَى الْخُزَاعِيَّةِ وَهِيَ تَحْتَ أَرَاكَةٍ وَمَعَهَا نِسْوَةٌ مِنْ قَوْمِهَا وَكَانَ عَمْرُو مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْحَدِيثِ وَرِقَّةِ الشّعْر فَقَالَ لَهُ النسْوَة هَل فَحَدِّثْنَا فَجَلَسَ يُحَدِّثْهُنَّ فَرَأَى لَيْلَى بِنْتَ عُيَيْنَةَ فَعَلِقَهَا وَتَزَايَدَ الأَمْرُ بِهِ فَهَامَ حَتَّى كَانَ لَا يَنَامُ إِلا حَيْثُ يَرَى بُيُوتَ أَهْلِهَا وَإِلا لَمْ يَنَمْ وَأَخَذَتْهُ الْوَسْوَسَةُ وَفَقَدَ عَقْلَهُ وَكَانَ لَا يَهْدَى إِلا بِذِكْرِهَا وَقَالَ فِيهَا أَشْعَارًا كَثِيرَةً
فَمِنْ قَوْلِهِ فِيهَا
تَوَسَّدَ أَحْجَارًا وَدَقْعَاءَ بَائِتًا ... مَبِيتَ عَسِيفِ الْحَيِّ غَيْرَ الْمُكَرَّمِ
أَرَى بَيْتَ لَيْلَى حِينَ أُغْلِقَ بَابُهُ ... أَلَذُّ وَأَشْهَى مِنْ مُهَادٍ مُقَدَّمِ
وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَمَّامٍ قَالَ خَرَجْتُ أُرِيدُ بَعْضَ الْحَوَائِجِ فَإِذَا أَنَا بَابْنِ أَبِي مَالِكٍ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الصَّحْرَاءِ بَيْنَ الْحِيرَةِ والكوفة فَقلت مَا تصنع هَهُنَا فَقَالَ أَصْنَعُ مَا كَانَ صَاحِبُنَا يَصْنَعُ فَقُلْتُ وَمَنْ صَاحِبُكُمْ قَالَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ صَاحِبُ لَيْلَى
قَالَ وَإِلَى جَانِبِهِ حَجَرٌ فَتَنَاوَلَهُ وَعَدَا خَلْفِي فَتَجَاوَزَنِي الْحَجَرُ وَعُدْتُ فَقَعَدْتُ بَعِيدًا مِنْهُ
قَالَ فَقَالَ لِي وَاللَّهِ مَا أَحْسَنَ وَلا أَجْمَلَ حَيْثُ يَقُولُ
عَلِقْتُكِ إِذْ عَيْنِي عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ ... فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَعْتُ نَفْسِي أَلُومُهَا
مَا لَهُ لَمْ يَقُلْ كَمَا قُلْتُ
رَمَانِي الْهَوَى مِنْهُ بِأَعْظِمِ شَجْوَةٍ ... وَعَسْكَرَ حَوْلِي الْهَجْرُ دُونَ حَبِيبِي
فَصَبْرًا لَعَلَّ الدَّهْرُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ... بِإِلْفِ حَبِيبِ أَوْ بِمَوْتِ رَقِيبِ