ذم الهوي (صفحة 258)

فَلَمَّا رَآهَا عَطَاءٌ ظَنَّ أَنَّ لَهَا حَاجَةً فَأَوْجَزَ فِي صَلاتِهِ ثُمَّ قَالَ أَلَكِ حَاجَةً قَالَتْ نعم

قَالَ اما هِيَ قَالَتْ قُمْ فَأَصِبْ مِنِّي فَإِنِّي قَدْ وَدِقْتُ وَلا بَعْلَ لِي فَقَالَ إِلَيْكِ عَنِّي لَا تَحْرِقِينِي وَنَفْسَكِ بِالنَّارِ وَنَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ جَمِيلَةٍ فَجَعَلَتْ تُرَاوِدُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَتَأْبَى إِلا مَا تُرِيدُ فَجَعَلَ عَطَاءٌ يَبْكِي وَيَقُولُ وَيْحَكِ إِلَيْكِ عَنِّي إِلَيْكِ عَنِّي قَالَ وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ فَلَمَّا نَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِ وَمَا دَخَلَهُ مِنَ الْبُكَاءِ وَالْجَزَعِ بَكَتِ الْمَرْأَةِ لِبُكَائِهِ فَجَعَلَ يَبْكِي وَالْمَرَأَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تَبْكِي

فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ جَاءَ سُلَيْمَانُ مِنْ حَاجَتِهِ فَمَا نَظَرَ إِلَى عَطَاءٍ يَبْكِي وَالْمَرْأَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ تَبْكِي فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ بَكَى لِبُكَائِهِمَا لَا يَدْرِي مَا أَبْكَاهُمَا وَجَعَلَ أَصْحَابَهُمَا يَأْتُونَ رَجُلا رَجُلا كُلَّمَا آتَاهُمْ رَجُلٌ فَرَآهُمْ يَبْكُونَ جَلَسَ يَبْكِي لِبُكَائِهِمَا لَا يَسْأَلْهُمْ عَنْ أَمْرِهِمْ حَتَّى كَثُرَ الْبُكَاءُ وَعَلا الصَّوْتُ

فَلَمَّا رَأَتِ الأَعْرَابِيَةُ ذَلِكَ قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَقَامَ الْقَوْمُ فَدَخَلُوا فَلَبِثَ سُلَيْمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَسْأَلُ أَخَاهُ عَنْ قِصَّةِ الْمَرْأَةِ إِجْلالا لَهُ وَهَيْبَةً قَالَ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ ثُمَّ إِنَّهَا قَدِمَا مِصْرَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِمْ فَلَبِثَا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ فَبَيْنَا عَطَاءٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمًا اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ سُلَيْمَانُ مَا يُبْكِيكَ يَا أَخِي قَالَ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا اللَّيْلَةَ قَالَ مَا هِيَ قَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا مَا دُمْتُ حَيًّا

رَأَيْتُ يُوسُفَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي النَّوْمِ فَجِئْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِيمَنْ يَنْظُرُ فَلَمَّا رَأَيْتُ حُسْنَهُ بَكَيْتُ فَنَظَرَ إِلَيَّ فِي النَّاسِ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ قُلْتُ بِأَبَيِ أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ ذَكَرْتُكَ وَامْرَأَةَ الْعَزِيزِ وَمَا ابْتُلِيتَ بِهِ مِنْ أَمْرِهَا وَمَا لَقِيتَ مِنَ السِّجْنِ وَفُرْقَةِ الشَّيْخِ يَعْقُوبَ فَبَكَيْتُ مِنْ ذَلِكَ وَجَعَلْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلا تَعَجَّبْتَ مِنْ صَاحِبِ الْمَرْأَةِ الْبَدَوِيَةِ بِالأَبْوَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015