427 - حدثنا محمد بن جعفر الوركاني، أخبرنا معمر بن سليمان، عن سعيد بن عوسجة،: أن أبا الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً، ولهانت عليكم الدنيا ولآثرتم الآخرة.
ثم قال أبو الدرداء من قبل نفسه:
لو تعلمون ما أعلم لخرجتم إلى الصعدات تبكون على أنفسكم، ولتركتم أموالكم لا حارس لها، ولا راجع إليها، إلا ما لا بد لكم منه، ولكن يغيب عن -[174]- قلوبكم ذكر الآخرة، وحضرها الأمل فصارت الدنيا أملك بأعمالكم، وصرتم كالذين لا يعلمون فبعضكم شر من البهائم التي لا تدع هواها مخافة مما فيه عاقبته لكم، لاتحابون، ولا تناصحون وأنتم إخوان على دين، ما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم، ولو اجتمعتم على البر لتحاببتم، ما لكم تناصحون في أمر الدنيا، لا يملك أحدكم النصيحة لمن يحبه ويعينه على أمر آخرته، ما هذا إلا من قلة الإيمان في قلوبكم، لو كنتم توقنون بخير الآخرة وشرها، كما توقنون بالدنيا لآثرتم طلب الآخرة، لأنها أملك بأموركم، فإن قلتم حب العاجلة غالب؟ فإنا نراكم تدعون العاجل من الدنيا للآجل منها، تكدون أنفسكم بالمشقة، والاحتراق في أمر لعلكم لا تدركونه، فبئس القوم أنتم، ما حققتم إيمانكم بما يعرف به الإيمان البالغ فيكم، فإن كنتم في شك مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فائتونا فلنبين لكم، ولنريكم من النور ما تطمئن إليه قلوبكم، والله ما أنتم بالمنقوصة عقولكم، فنعذركم، إنكم لتبينون صواب الرأي في دنياكم، وتأخذون بالحزم في أمركم، ما لكم تفرحون باليسير من الدنيا تصيبونه، وتحزنون على اليسير منها يفوتكم، حتى يتبين ذلك في وجوهكم، ويظهر على ألسنتكم، وتسمونها المصائب، وتقيمون فيها المآتم، وعامتكم قد تركوا كثيراً من دينهم، بما لا يتبين ذلك في وجوهكم، ولا يتغير حال بكم، إني لأرى الله قد تبرأ منكم بلقاء بعضكم بعضاً بالسرور، فكلكم يكره أن يستقبل صاحب بما يكره مخافة أن يستقبل صاحبه بمثله، فأصبحتم على الغل، ونبتت مراعيكم على الدمن، وتصافيتم على رفض الأجل، لوددت أن الله أراحني منكم، وألحقني بما أحب رؤيته لو كان حياً لم يصابركم، فإن كان فيكم خير فقد أسمعتكم، وإن تطلبوا ما عند الله تجدوه يسيراً، والله أستعين على نفسي وعليكم.