رنكوث. أنت حاثب الوظيفة لعبة؟ وكان رحمه الله ألثغ، ينطق السين ثاء والشين قريباً من الثاء والزاي ذالاً، (يقول: شو جابك؟ لازم تكون في رنكوس. إنت حاسب الوظيفة لعبة). قلت: اسمح لي أسألك، هل زرت رنكوس؟ فأدرك بذكائه ما أريد فقال: ثو فيها؟ هواء نقي ومناظر جميلة. قلت: نعم، ولذلك «أكلنا هَوَا» ورجعنا.
وكلمة «أكلنا هوا» في عامية أهل الشام لها معنى مشهور يشير إلى شيء قبيح، تُقال عند الخيبة وضياع الأمل، فتبسّم لي وسكت عني، وضحك شفيق بك.
وانتهت المقابلة بإعطائي إجازة شهر. وعند انقضاء الشهر (أي في 1/ 2/1934) نُقلت إلى «زاكْية» (?)؛ من قرية في جبل أهلها أشدّاء إلى قرية في حَرّة فيها مثل أهل رنكوس. وأنتم تعرفون حرّتَي المدينة المنورة، وفي معجم ياقوت أسماء حِرار كثيرة في جزيرة العرب، ولكن حرّة زاكية (أو «وَعرة زاكية» كما تُسمّى في الشام) أشدّ منها كلها: حجارة بركانية الواحدة منها أكبر من الجمل البارك، كثيرة متقاربة، وأرضها من الصخر. أمّا الطريق إليها فمن دمشق إلى المِزّة (مِزّة كلب، أي بني كلب قديماً) ثم إلى الجنوب، ثم يتشعب الطريق إلى ثلاث شعب: شعبة إلى اليمين إلى قَطَنا، وهي مركز القضاء وهي قصبة منطقة وادي العجَم، إلى سفح جبل الشيخ الذي يُطلّ على دمشق بعمامته البيضاء من الثلج، والذي سلّمَه انقسامُنا وتخاذلنا وبُعدُنا عن شرعة ربنا إلى