إلى الأدب القومي ويُكثِروا القول فيه، فالعالَم العربي كله يجيش صدره بآلام وآمال، والأدب يجب أن يعبّر عن هذه الآلام والآمال بأسلوبه الرشيق وعواطفه القوية وخياله الرائع، إلخ. (إلى أن قال): ثم التفَتوا إلى الأدب القديم فلم يجدوا فيه غذاءهم كافياً، ليس فيه شعر يتغنّى بالحرية كما نودّ ولا بالقومية كما نحبّ ... (إلى أن قال): فلك الحقّ أن تطلب من الزعماء وأن تطلب من «الرسالة» أن تدعو الكتّاب والشعراء أن يلتفتوا إلى مواطن النقص فيكملوها ... لك الحقّ أن تنعى على الأدباء أن أكثرهم لم يتّجه هذا الاتجاه إلاّ قليلاً. وإلاّ فأين هو أدبنا القومي؟ وأين التغنّي بمناظر طبيعتنا؟ وأين الروايات الاجتماعية تصفنا؟

(إلى أن قال): وبعد، فموقف الرسالة -كما أفهم من مبادئها- يجب أن يكون الدعوة إلى تكميل النقص في الأدب العربي. وأن يكون موقفها -فوق الموقف الأدبي- موقف المصلح؛ فترفض أن تنشر الأدب الساقط المرذول المضعف للخلق المفسد للرجولة، إلخ. ويجب أن تكون بجانب دعوتها إلى الإصلاح سجلاًّ للنزعات الأدبية مع اختلاف أنواعها، ما لم تكن النزعة مستهتِرة تُميط قناع الحياء وتخرق حجاب الحشمة. وأخيراً لك الشكر -يا أخي- على ما حوى كتابك من غيرة صادقة وعاطفة نبيلة، وما أثرتَ من موضوع يستحقّ العناية ويدعو إلى طول التفكّر. أحمد أمين.

والمقالة منشورة كلها في الجزء العاشر من كتابه «فيض الخاطر».

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015