الإسلامي، وكانت السبب في أكثر المصائب التي أصابتنا من خراسان إلى الأندلس وكانت من عوامل القضاء على حكم الأمويين، هذه العصبية نُسيَت في بلاد العرب من عهد بعيد ولكنها بقيَت في لبنان إلى ما قبل قرن من الزمان. وكان التنوخيون سادة اليمانية ورؤساءها، فاجتمعَت عليهم القبائل القيسية وبيّتوهم فذبحوهم في «عين دارَه» قرب صوفر. ولم ينجُ إلا طفل رضيع، حملوه إلى دمشق فنشأ فيها منسوباً إلى غير أهله، خوفاً عليه أن يُعرَف مكانه فيلحق به من يُلحِقه بمن هلك من قومه. وكبر الطفل وصار سَروجياً، أي مشتغلاً بصناعة الجلود، ثم صار شيخها يوم كان لكل صناعة شيخ، ولا يزال هذا العُرف سائداً هنا.

هذا الطفل هو جَدّ الأستاذ عزّ الدين، ومن هنا كان لقب أسرته «شيخ السروجية». وقد عاش ثُلثَي حياته جاهلاً حقيقة أصله الدرزي، فضلاً عن أن يكون في نفسه أو في عقيدته أثر لها. وكان رحمه الله (كما كان صديق عمره شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار وكما كان الأستاذ النكدي) من أقدم أعضاء المجمع العلمي في دمشق، وكان قد درس في الأزهر كما درس في فرنسا، ولولا أنه سمع قصّة جَدّه من شيوخ الطائفة في لبنان (كما سمعتُها أنا من الأمير حسن أرسلان) ما كان ليعلمها.

* * *

قلت إن صدور جريدة «الأيام» كان عنوان فصل جديد في كتاب «تاريخ الصحافة في الشام» (الذي ننتظر مَن يؤلّفه لنا أو يجعله أطروحة ماجستير أو دكتوراه)، لا لمجرّد أنها صدرت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015