الأستاذ عارف النّكْدي، وسبق صدورَها إعلان كبير عنها وترقّب متلهّف لها.

وكانت أول جريدة في الشام تصدر في ثماني صفحات، وأول جريدة ليس في أقوالها «ضمير مستتر» يعود إلى رئيس أو وزير أو غنيّ ذي نفوذ، وكانت أول جريدة تخطّت عرائس المسرح فلم تمدحها ولم تذمّها، بل توجّهَت إلى صاحب اليد التي تحركها فخاطبَت المفوض السامي الفرنسي، لم تخاطب رئيس الحكومة المحلّية ولا أحداً من وزرائه.

وجمعت طائفة من الأساتذة يعملون فيها، واختارني الأستاذ النكدي «محرّراً داخلياً» (وهو لقب مرادف للقب «مدير التحرير» في أيامنا)، فكان ينظر هو في المقالات، فما يوافق عليه أحاله إليّ وما لم يكن يمسّ سياسة الجريدة ومبادئها ترك لي النظر فيه: نشره أو طيه. والأخبار العالمية التي كانت تحملها برقيات «رويتر» و «هافاس» وأخبار المراسلين أنظر أنا فيها، فأختار منها وأضع العناوين لها، وقد أعلّق عليها. وكانت «الأيام» أول جريدة لها مراسلون حقاً، لا كالذي وصفتُه لكم في الجرائد التي عملت فيها من قبل. وأكتب فوق ذلك في الجريدة.

وكان في الغرفة التي أعمل فيها أشخاص مختلفو المشارب متباعدو الاتجاهات، فكان إلى اليسار مكتب الأستاذ منير الريّس وهو المحاسب، وهو ذو اتجاه قومي متحمّس لمبدئه مناصر له، وإلى جنبه مكتب الدكتور كامل عيّاد، وبجواره شيوعي آخر أظنّه عراقياً، فقد نسيت لبعد العهد. وأحسب أن أنطون سعادة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015