ثم جاء قوم من النصارى، وقوم من المسلمين لا يربطهم بالإسلام إلاّ أنهم وُلدوا من آباء وأمهات يدينون به، كساطع الحصري ومن بعده عفلق، فجعلوها قومية كافرة تنافي الإسلام وتخالف القرآن.

وكنت أيام الثورة الكبرى طالباً فلم أشارك أهلها ولم أعاون عليها، فلما انتقلنا إلى هذا العهد، عهد النضال في الشوارع، انغمست فيه وصرت من زعماء الشباب العاملين عليه.

كنت في نزاع بين طبيعتي التي تميل إلى العزلة وتنفر من الاندماج في جمهور الناس، وبين موهبتي في الخطابة وفي الكتابة التي دفعَت القيادةَ إلى التمسك بي؛ فاقتصرَتْ مشاركتي في هذا النضال ثم في العمل الإسلامي بعده على ثلاث: أواجه الناس من فوق المنبر، أو من خلال الصحف، أو أشارك في الرأي والمشورة ... ولا شيء بعد هذه الثلاث. وعرفتم أني لما تركت دار العلوم في مصر ومضى وقت القبول في الجامعة في الشام بقيت سنة بلا عمل، فعملت في التعليم وفي الصحافة. اشتغلت في جريدة «فتى العرب» وفي «ألف باء» وفي «القبس»، وفي سنة 1931 فُتح باب جديد في تاريخ الصحافة في الشام بإنشاء جريدة «الأيام».

كل حزب في الدنيا له جريدة تنطق بلسانه وتعبّر عن رأيه، والكتلة الوطنية كانت سنة 1931 أكبر من حزب، كانت تجمع الزعماء المناضلين العاملين للاستقلال، فصحّ عزم رجالها على إنشاء جريدة «الأيام»، واختاروا لرياسة تحريرها العالِم البليغ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015