مؤسّس الحزب القومي السوري، أو آخَر من أتباعه كان معنا.

كنا كعربة رَبَطْتَ في كل جهة من جهاتها الأربع حصاناً قوياً وسُقْت الخيل جميعاً: أنا (طول عمري) إسلامي الاتجاه، وهذا قومي، وذلك شيوعي ... وكنا نمضي الوقت كله في نزاع وخصام.

اختارني الأستاذ عارف النكدي لهذا العمل الكبير وأنا شابّ صغير، لم أكُن أكملت الثالثة والعشرين، لأنني كنت (حقيقة لا فخراً) قد استكملت الصفات التي يحتاج الصحفي إليها، الصحفي الذي يعمل على كرسيه وراء مكتبه، لا الذي يقابل الرجال ويتصيد الأخبار ويكون خرّاجاً وَلاّجاً، لا يُعجِزُه بابٌ مغلَق في وجهه أن يدخله ولا سياسي معتصم بصمته أن يُنطِقَه، ولعلّي أقرب إلى الكاتب الصحفي مني إلى الصحفي المحترف.

كنت حركة دائمة ونشاطاً مستمراً، لا أتعب لأني أحب عملي، ومن أحب عمله لم يُتعبه ولو حرمه راحته المعتادة ومنعه طعامه ومنامه. وكان القلم في يدي حين أكتب أسرع من الدماغ إذ يفكر واللسان إذ ينطق.

لقد أعطيت الجريدة وقتي كله وجهدي كله ونشاطي كله. كان الأستاذ النكدي يخطط ويوجّه وأنا الذي ينفّذ ويحقّق. كنت أشعر (ولا أزال أذكر) حين أمسك تجارِب الطبع (البروفات) وأنزل إلى المطبعة وحين أوافق على الطبع أو أؤخّره، أني قائد معركة يتنقل على فرسه بين فرق جيشه وأفراد جنده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015