من الشدائد والصعاب ما ينوء ثقله بالصخور الراسيات (?). تعاقبَت الثورات في الشمال، وعلى الساحل، ثم كانت الثورة الكبرى سنة 1925 (وقد حدّثتكم حديثها)، ثم بدأت حرب الشوارع. حتى جاء الاستقلال.

إن هذا الاستقلال كالثروة التي يجمعها البخيل قرشاً إلى قرش، يجوع في سبيلها ويشقى لجمعها، فيأتي وارثه، أو يأتي من ليس له بوارث ولا له في إرثه حقّ، فيبذّرها باليمين وبالشمال، لا ينفقها على أمته ولا على وطنه ولكن ... وتعرفون ما الذي يُقال بعد «لكن»، والمعروف لا يعُرَّف.

ما جاءنا الاستقلال على صينيّة من البلّور ولا على طبق من الفضّة، كما يجيء الشاي لمن يطلبه في الفندق الكبير، يقدّمه إليه النادل مع الانحناء ثم يسرق ثمنه سرقة إذ يأخذ بدل الريال عشرة. بل جاءنا بالثمن الغالي، دفعناه ولا نزال ندفعه من مُهَجِنا وأرواحنا.

لم أدرك أيام النضال الأول، نضال الاتحاديين من الأتراك، ومن نِعَم الله عليّ أني لم أدركه وأن الله عصمني من أن أشارك في تمزيق أمّة محمد إلى عرب وترك وشَقّ عصاها وإذهاب وحدتها، على أني أعذُرُ من شارك في ذلك ممّن هم أساتذتنا كرشيد رضا ومحبّ الدين الخطيب، فما أرادوها قومية تحلّ محلّ أخوّة الإسلام، ولكن أرادوا استرداد حقّ العرب ضمن حدود الإسلام ممّن عدا على حقوق العرب وجانب الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015