العسل». وبائع غَزْل البنات، هذه الحلوى اللذيذة في اللسان، الليّنة تحت الأسنان، التي تذوب في فمك حين تدخله فكأنك تأكل في المنام، إنه ينادي: «ياغَزْل البنات، ياما غزلوك في الليالي يا غزل البنات». ومن عجائب النداء نداء بياع التَّرْخون، وهو حشيش من المشهّيات على المائدة، وهو من الأفاويه المعروفة، يزعمون أنهم يزرعونه في بقعة فينبت في غيرها، فهو ينادي عليه هذا النداء العجيب حقاً الذي لا يعرف المراد منه إلاّ ابن البلد: «ويلي عليك يا ابن الزنا يا خاين»، هل تعرف إن سمعته أنه يبيع التّرخون؟

وإن سمعت من ينادي في الصباح «الله كريم» أوفي النهار «الله الدايم» فاعلم أن الأول بياع الكعك والثاني بياع الخسّ (?). ولرمضان نداءات خاصّة برمضان.

* * *

عفوكم أيها القرّاء، لقد كنت كالماشي بين الحقول فأغراه منظر بستان، فمشى إليه وأوغل فيه حتى بَعُد عن طريقه وكاد ينسى إلى أين يسير. وهذه هي علّة كل من نشأ على كتب الأدب العربي ومن أدمن قراءة شيخنا الجاحظ الذي سنّ لنا سنّة الاستطراد التي تصرف عن المراد.

إن الصغير الليّن العود يمكن إن اعوجّ أن يُقوَّم، ولكن كيف يُقوَّم من كان على عتبة الثمانين؟ إنها علة أُنكِرها من نفسي ولا أستطيع الخلاص منها، فاحتمِلوها مني أو قولوا لأصحاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015