عبد الرحمن شهبندر، وحزب الاستقلال. فلما قامت الثورة الكبرى سنة 1925 (وقد سبق الكلام عنها) وحكم الفرنسيون بالعقاب ظلماً على أكثر الزعماء بالقتل أو بالسجن فرّ منهم من استطاع الفرار وتوارى أكثرهم عن الأنظار، حتى إذا أمنوا تجمعوا وتعاونوا، فكان من ذلك «الكتلة الوطنية».
كانت الكتلة الوطنية هي الرأس المفكّر وكانت لها يدان تبطش بهما؛ اليمنى منهما الطلاّب والشباب، واليسرى الأقوياء من رجال الأحياء. أمّا الأحياء (المَيدان والشّاغور والصالحيّة والأكراد والعِمارة والعُقَيْبة والقَنَوات ومسجد القَصَب والقَيْمَريّة) فكان يتولّى أمرَها زعماؤها، وأمّا الشباب من غير الطلاّب فكان يتولّى جمعهم شفيق سليمان ومحمود البيروتي، وأما الطلاّب فقد كان أمرهم سنة 1930 إلى اللجنة العليا لطلاب سوريا.
أتدرون ما هذه اللجنة العليا؟ إنها من الباب الذي دعاه المنفلوطي «خداع العناوين»، أقول هذا بعد خمسين سنة لأن أيام الدعاية ولّت، وهذا يوم أكتب فيه للتاريخ.
لمّا تنبه الناس إليّ ورأوا فيّ طاقة خطابية وقدرة على إثارة الجماهير، ازدحموا عليّ يريد كلٌّ أن أعمل له وأن يسخّرني مَطيّة تحمله إلى غايته. وكانت الجامعة في ثورة على وزير المعارف، أستاذنا محمد كرد علي، لأنه أراد أن يأخذ من موازنتها خمسة وعشرين ألف ليرة (?) يفتح بها مدارس أولية في القرى التي تغلب على أهلها الأمية، حُجّته أن قرشاً تشتري به خبزاً يدفع عنك لذع