يلومني أحد، لأنه لا يعلم بها أحد. وأنا لا أحفل بالشتم الصريح يُنشَر في الصحف، ولكن اهتممت بها خشية أن يكون ما جاء فيها هو ظنّ جماعة رأيُهم فيّ مثل رأي مرسلها.
وترجمة ما جاء في الرسالة باللسان المهذَّب الذي يمكن أن تحتمله الجريدة وقُرّاؤها أني مُدّعٍ كاذب، أنسب لنفسي -وأنا في السنّ التي يدخل فيها الشابّ الجامعة- من القدرة على الكتابة والإقدام على التأليف وذيوع الاسم في الناس والتأثير في الشباب ما لا يمكن أن يكون.
وأنا بشر له نقائص وفيّ عيوب، وعيوبي كثيرة، لكن الكذب ليس منها. إنما يكذب الجبان، وأنا (مُتّهَم) من مطلع الشباب بالجرأة والإقدام، وأني طويل اللسان صامد الجَنان، وأني إن هجمت لم أبالِ العواقب. ومن كانت له هذه النقائص لا يمكن أن يجمع معها نقيصة الكذب، لأنها تناقضها وتنافيها ولا تجامعها. ولو أني كنت أحتفظ بالصحف والمجلاّت التي نشرت أخبار نشاطي قبل نصف قرن وما كُتب فيها عني يومئذ، عليّ أو لي، لجاء منها ما يملأ كتاباً يبلغ ربع القاموس المحيط. وهذا كلام أقوله أول مرة، وأرجو أن تكون آخر مرة، لأني أحاول في هذه الذكريات أن أكون مؤرّخاً لا شاعراً مفاخراً ومنافراً في عكاظ أو في المِربد. والذي أقوله رطل من قنطار ممّا قيل فيّ أو كُتب عني، وعندي منه الكثير في قصاصات، وأنا أخجل أن أروي الثناء عليّ بلساني أو أن أخطّه بقلمي، ولكني ظُلمْت فحقّ لي الدفاع عن نفسي. لذلك أتخلّى اليوم عن خجلي وأنقل كلمة واحدة تؤيّد