قولي الذي كذّبني فيه هذا «الأخ المهذّب» مرسل الرسالة، كلمة لم تأتِني مطويّة في ظرف فنشرتُها أنا هنا، فهذا عمل تأباه مروءة ذوي المروءات، بل جاءت منشورة في مجلة كانت لها الصدارة بين المجلاّت لكاتب كانت له الصدارة بين الكتّاب، هي شهادة من الزيات ما حظي بمثلها منه إلاّ قليل، رحمه الله.
لم تُكتب عني اليوم وقد ازددت (بلا شك) اطّلاعاً وتمرساً بالحياة وصلة بالأدب وإلفاً بالمنابر، ولكن كُتبَت في العدد (101) من مجلة الرسالة، الصادر في اليوم التاسع من ربيع الأول سنة 1354هـ، أي قبل خمسين سنة، وثقوا أني أستشعر أشد الحرج وأنا أنقل هذا الكلام ولكني اضطُررت.
قال: الأستاذ علي الطنطاوي (أو الشيخ علي الطنطاوي كما يحبّ أن يُدعى) ثمرة ناضجة من ثمار الثقافة العربية الحديثة، ثَقِفَ علوم الدين وعلوم اللسان ثقافة محيطة، ثم درس القانون دراسة فقهية عميقة، وشارك في إيقاظ النهضة الفكرية والدينية والاجتماعية في سوريا مشاركة منتجة، فله في قيادة الشباب محلّ، وفي توجيه الآداب طريقة، وفي سياسة الإصلاح مذهب. وهو ونفر من صحابته يمثّلون في سوريا الناهضة الحلقة الواصلة بين عقلية تنكر القديم وعقلية تنكر التجدّد. وليس الأستاذ الطنطاوي مجهولاً لدى قرّاء الرسالة، فهو يطالعهم الحين بعد الحين بالفصول الممتعة في الأدب والتاريخ والقصص، ينقلها عن فكر خصب، واطّلاع واسع، ومنطق سليم، وإيمان صادق، وعاطفة نبيلة.