والألغاز، ولكن أقول الحق. الحق الذي لا أعرف الطريق إلى إدراكه تماماً. ففكّروا معي، لا في صورتي أنا بل في صورة كل واحد منكم قبل عشرين أو ثلاثين سنة. وإن كان أحدكم شيخاً مثلي فليمسك الصورة بيد والمرآة بيد: هل الذي في المرآة هو الذي في الصورة؟ لا. فهل هو غيره؟ لا. هل أحدهما خيال لا وجود له والآخر إنسان موجود؟ لا. هل هما موجودان معاً؟ لا.
فما القصة إذن؟ إن كان هذا الشاب هو علي الطنطاوي فأنا لست علي الطنطاوي. فمن هو؟ ومن أنا؟ وأين ذهب؟ وكيف لا يعود؟
لقد صرت مثل هبَنّقة: كانت له قلادة يضعها حول عنقه ليعرف بها نفسه، فنام ليلة فسرقها أخوه فتقلدها، فلما أصبح ورآها عليه، قال له: أنت أنا، فمن أنا؟!
لقد أثار مسألة عجز الناس عن جوابها فقالوا: هو أحمق، وحسبوا أنهم استراحوا لأن الحمقى لا يستحقون الجواب. فهل تعرفون أنتم جواب سؤالي؟ أم تفرّون عاجزين؟ أم تقرون بأن في وجودنا وفيما هو حولنا وفيما وقع لنا ما تعجز عن إدراكه عقولنا؟ أم تقولون عني ما قالوه عن هبنّقة المسكين، فتستريحون ولكنكم لا تُريحون؟
* * *
أما الرسالة الثانية فليس فيها لطف ولا ظرف، ولكنْ فيها غلظة وعنف وفيها افتراء وعسف. وكان يسعني أن أرمي بها ولا