محمد؟ وما كان يميّزه من أصحابه ثوب ولا مجلس ولا شارة ولا علامة، ويوم الهجرة حسبوا أبا بكر هو النبي حتى دلّهم عليه أبو بكر.
وأما إعجابه وفتنته فشيء لا شأن لي به، الشأن فيه له هو ولصاحب الصورة. إن رضي عنه أو سخط عليه أو أعجبته أناقته أو فتنه شكله، فهذا له وحده لا أنازعه فيه. الذي أنازع فيه قوله إنها صورتي. صورتي أنا؟ إن صورتي هي التي توضع في صدر كل حلقة من حلقات هذه الذكريات، جمّلها الرسّام فمحا ما كان تحت الجفون من غضون وصغّرني فيها سنوات، كما كبّرني سنوات في الصورة التي وُضعت من قبل على جلدة العدد الرابع من مجلة «المسلمون»، فعاتبتُه يومئذٍ على تلك وأشكره اليوم على هذه، وإن كنت في الحقيقة لم أكبر ولم أصغر، ولا أدري لماذا أعاتب أو أشكر؟
هذه هي صورتي، وإن لم تصدّق فتعال إليّ لتراني شيخاً بعيداً عن الأناقة وعن الجمال. فهل الصورة المنشورة في العدد الأربعين من «المسلمون» وُلدت -إذن- في خيال فنان وظهرت على طرف ريشته ما لصاحبها وجود؟ لا، بل هي صورة حقيقية لإنسان حقيقي وقف بنفسه أمام آلة التصوير، إنسان أعرفه كما أعرف نفسي، كان دائماً معي لا يفارقني، يفكّر بعقلي وينطق بلساني واسمه مثل اسمي، ولكنه ليس أنا!
فمن هو إذن؟ وأين ذهب؟
يا سادة، أنا لا أغرّب ولا أتفلسف ولا آتي بالأحاجي