والأزياء والألوان من اليمن ومن مصر ومن الشام، وكان الرسول ‘ يلبس ما يجد منها، لا ينهى عنها إلاّ إن كانت شعاراً لغير المسلمين خاصّة بهم، يتوهّم الناس بمن يلبسها أنه منهم. هذا هو التشبّه الممنوع لا مطلق التشابه، فنحن نأكل كما يأكلون ونركب ما يركبون ونصنع كثيراً ممّا يصنعون، وما قال أحدٌ إن هذا من التشبه بهم. وقد غدا لبس الحُلّة الآن (البنطال والجاكيت) من هذا القبيل، صار لباساً عاماً يلبسه المسلم والكافر. ولقد جاءنا من سنوات جماعة من مسلمي أميركا من السود والبيض، لقيتهم في الحرَم، فكان فيما سألوني عنه الزيّ الذي يجب على من دخل في الإسلام أن يتخذه، فقلت لهم: ما في الإسلام زيّ خاص لا يجوز غيره، فليلبسوا ما شاؤوا على ألاّ يكشف الثوب عورة، ولا يشفّ من رقّته عنها، ولا يصوّر من ضيقه حجمها، ولا يكون خاصاً بغير المسلمين لا يلبسه غيرهم، ولا يكون ثوب شهرة يلفت إلى لابسه الأنظار أو يسبّب له الاحتقار، ولا يكون ثوب حرير يلبسه الرجل. فإذا سلم من هذا كله فليكن ثوباً فوقه عباءة أو بلا عباءة كَلِباسِنا هنا، أو قميصاً تحته سراويل كلباس المسلمين في الهند، أو «الشرواني» في باكستان أو الإزار (الفوطة) في أندونيسيا، أو ما شئتم من ضروب الثياب.
لا يوجب الإسلام على من دخل فيه زياً معيناً، ولا كان الرسول ‘ يتخذ زياً معيناً، وما جُعلت للقضاة ثياب يُعرفون بها وللعلماء وللجند وللتجار إلاّ بعد اختلاطنا بالفرس في صدر الدولة العباسية. ولقد كان الوافد على رسول الله ‘ يدخل المجلس يكون فيه بين أصحابه فيُجيل بصره فيهم يسأل: أيّكم