في الفكر أو كان الموضوع ممّا لا يجوز السكوت عنه، وإن كان الذي يكتب عني ما له قيمة أو كان الموضوع لا خطر له نهجت منهج جرير حيث يقول بشّار عنه: "هجوت جريراً فأعرَضَ عنّي واستصغرني، ولو أجابني لكنت أشعر الناس". كان يريد الصعود على كتف جرير ليراه الناس، فتخلّى عنه فرماه. لذلك أدَعُ الردّ على أكثر الذين يسبّونني، بل إني في أكثر الأحيان لا أقرأ ما يكتبون.
* * *
وأنا من يوم شرفت بالنزول إلى ميدان الدعوة (جندياً صغيراً) أقاتل على جبهتين: واجهت الجامدين والجاحدين، نازلت بعض المشايخ كما نازلت بعض الشبان.
فلما انتهت قصة «رسائل الإصلاح» بدأت قصة رسائل «سيف الإسلام»: ما كان في الشام يومئذٍ نوادٍ أدبية، و «النادي العربي» الذي أُسّس أيام الشريف فيصل قبل ميسلون كان نادياً سياسياً، والمجمع العلمي كان للمحاضرات وكان منبره مصدراً من مصادر ثقافتنا؛ محاضرات المجمع الأسبوعية وحلقات الأموي الدائمة، مع دروس المدرسة وما آخذه عن المشايخ وما أستفيده من المطالعة، كانت ثقافتي كلها من هذه الينابيع. لذلك كانت مكتبة عَرَفة في «المِسْكيّة» (?) مجمع الأدباء؛ يقفون