وصار الشيخ أحمد يخطب في المساجد، يشرح ما وصلَت إليه الحال من سوء، وما آل إليه الشباب من البعد عن الدين والإعراض عنه والإساءة إلى علمائه، وهم حَمَلة لوائه، ويضرب المثل برسائلي، ثم يُشير إلى كتابه الذي ألّفه في الردّ عليّ، وكان معه من يحمله له فيبيعه بالثمن الذي يريده. ولو كان كتابه الذي سَمّاه «الإفصاح عن رسائل الإصلاح» عندي لنقلت فقرات ممّا كتب عنّي، وقد عرف الناس من أحاديثي في الإذاعة أو الرائي أني أقرأ أشنع السبّ لي وأنا هادئ لا تتحرك من الغضب شعرة في جسدي، لأني لكثرة ما كتب عني «تعوّدت مسّ الضر حتى أَلِفتُه». وقد حشرني في زمرة طه حسين وكتابه في الشعر الجاهلي، وسلامة موسى النصراني الصليبي المفتري وأمثالهما، ثم كتب في آخر الكتاب أنه تحقق أني لست منهم ولا من أشباههم، ولأني مسلّم متمسك طالب علم وسليل علماء فهو لذلك «يسلّني منهم سلّ الشعرة من العجين». ولكنه بقي بعد سلّ الشعرة يبيع العجين غير مخبوز ولا ناضج (كأنه الخبز في هذه الأيام)، بل يلقيه عليّ ويلطّخ به ثيابي ويقبض الثمن!
وقد أصابه في آخر عمره الفالج وتوفّي. وأنا أكتب هذا وما في قلبي ذرّة من الحقد عليه أو الكره له، رحمه الله ورحمني، فما منّا إلا من أحسن وأساء (وأيّ الرجال المهذّب؟).
وأنا (صدّقوني) لا أحمل حقداً على أحد؛ لا لأني بلغت غاية الحِلم وسموت إلى ذروة الخلق، لا؛ فأنا جريء عنيف حادّ المزاج سريع الغضب كما أني سريع الرضا. بل لأني أردّ الصاع صاعَين أو ثلاثة إن كان الذي يكتب عني كبير القدر في الأدب أو