اللفظ بيّن المعنى ... كأن الحق ضاع بين الفريقين ... وهنالك من يرى التقرّب إلى الله باللجوء إلى قبر ولي من الأولياء، يطوف به ويقبّل أعتابه!
ثم تكلمت عن خطبة الجمعة ولماذا شرعها الله، وعن الخطباء الذين كانوا يقرؤون ما في دواوين الخطب يلقونه أسوأ إلقاء وأقبحه، فمن متغنٍّ بخطبته ومن متشدّق بها، وكلهم يستقرّ في نبرات صوته حيث الاستفهام ويستفهم حيث الوقف والاستقرار، وهو حزين حيث الغضب وغضبان حيث الوعظ، وكلهم يلزم السجع البارد المستثقَل والمحسّنات البديعية المستهجَنة.
ثم غلبَتْ حماسة الشباب واندفاعه فقلت: إن أمة بتاريخها وعظمتها لا يُقضى عليها من أجل طائفة من المشايخ أبت إلاّ الجمود على مواريثها والوقوف في مكانها ومقاومة كل جديد نافع. إن الدين ليشكو إلى الله قوماً أضاعوه، والمنابرَ لَتبكي من أناس علوها وما هم من فرسانها!
ثم كانت الهجمة على «الأوقاف» التي كانت الموكلة بالمساجد وخطبائها، ونقدت خطبة الجامع الأموي التي كانت تُورّث كما تُورّث الأموال، أي أن ابن الخطيب أو الإمام يرث إمامته وخطبته كما يرث عمامته وجبّته! وكانت خطبة الأموي مقسّمة بالقراريط بين أسر ثلاث، أسرة الخطيب (وأمّي من أسرة الخطيب) والأسطواني والمَنيني، وقلت عن المنيني رحمه الله وسامحَني: وفيهم من له الصوت الأجشّ الخشن الذي لا يسمعه مَن حوله.