ثم تكلمت عن الإسلام، وأنه لا يمكن أن يكون بين الثابت من أحكامه وبين المحقَّق في العلم تنافٍ ولا تناقض؛ لأن العقلَ منحةٌ من الله والدينَ وحيٌ من عند الله، وأن أقرب مثال له الساعتان اللتان تخيّلهما لَيْبِنس، ولم أكن قد اطلعت (والله) على ما قاله ابن تيمية في كتابه القيم. وأنّ الدين الإسلامي صالح لكلّ زمان؛ لأن فيه أصولاً ثابتة لا يؤثّر فيها تبدّل الأزمنة والأمكنة، وفروعاً يمكن أن تتبدّل بتبدل الأزمان.

ثم تكلمت عن بُعد أكثر المشايخ عن علوم العصر وعن اختلافهم، ونزلت على أتباع الطرق الصوفية أو أكثرها فقلت: وتمرّ على زاوية فترى قوماً يرقصون ويقفزون ويصيحون بأفظع الأصوات وأنكرها، فتسألهم مُنكِراً: ما يفعلون؟ فينبئونك أن هذا هو ذكر الله! وتجتاز في ليالي الوداع من رمضان على مسجد بني أمية، فترى في وسطه أناساً قد لبسوا قلانس طِوالاً وأثواباً كأنها المخاريط الناقصة يدورون على أنفسهم، فتحسبهم ذوي جِنّة، ولكنهم يزعمون (ويُقِرّ بعضُ الناس زعمَهم) أن هذا من الدين وأن أبا بكر فعله! لا والله أيها القوم، ما كان الدين هُزُواً ولا لعباً، ولا كان أبو بكر معتوهاً ولا مجنوناً، ولكنكم ...

وتكلمت عمّن يدّعي أنه سلفي فيحارب المذاهب. ولا أدري والله كيف يدّعون الأخذ بالحديث وهم لا يعرفون صحيحَه من ضعيفه وموضوعَه من مرفوعه، وعمّن يدّعون أنهم مقلّدون وأن المقلّد لا صلة بينه وبين كتاب ربه وسنّة نبيه إلاّ هؤلاء الأئمة، ويرون أنهم أضعف من أن يفهموا حديثاً صحيحاً واضح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015