يرشدهم إلى طريق الهدى ويدلّهم على سبيل السداد، ويبدّلهم بالشتات اتحاداً، وبالضعف قوة، وبالذلة عزاً، وبالجهل علماً، وما ذلك على الله بعزيز.
وقلت في آخر المقدمة: هذه الرسائل لا أقصد بها الدلالة على علم عندي، فما فيها إلاّ ما يعلمه كل واحد فينا، ولا أرجو أن يتحقق اليوم أملي منها، فإن ذلك أصعب من أن يتحقق في مثلها، ولكنني أرمي إلى تنبيه الأمّة إلى ما هي واقعة فيه، ولَعَلّي بالغٌ من ذلك بعضَ ما أريد. دمشق: غرة رجب 1348هـ.
* * *
بدأت الرسالة ببيان أن لهذا الكون إلهاً، وأن «فكرة الإله» فطرة مغروزة في كل نفس، وأن الإنسان لا يعيش ويموت من غير إيمان، ولكنه قد يصل على ضوء الوحي إلى معرفة الإله الحقّ، وقد يضلّ فيؤلّه حجراً أو بشراً أو شجراً أو النار التي أوقدها أو الأصنام التي نحتها. وأشرت إلى بعض ما قاله دوركايم الذي كان كتابه من كتب المطالعة الفلسفية التي كانت مقرّرة علينا (وهو أحد الذين أفسدوا عقول الشباب عن معرفة وعن قصد لا عن جهل ولا عن خطأ: فرويد ودارون وكارل ماركس، وهو شرّهم) كما أشرت إلى بعض ما قاله كانط (وقد كان كتاباه في نقد العقل من كتب المطالعة الفلسفية، على جفاف أسلوبه وصعوبة فهمه، لا سيما ونحن نقرؤه في الترجمة الفرنسية)، وعرضت لقانون الحالات الثلاث لأوغست كونت، وقد تبيّن الآن بطلانه، وحدّدت الصلة بين الدين والعلم.