ذكرت لا تنطبق عليه شرائط العلم، ولكن أقول ما يطلقه عليها الناس.

والذين كانوا معي في شعبة الفلسفة كثيرون، ولكن أثر ما درسته فيها كان عميقاً في نفسي وفي تفكيري وهو منطبع في نفسي وطالما استفدت منه في كتبي وفي محاضراتي، على حين أن أكثر إخواني درسوه ونسوه. كما أن ما درست من العلوم (في الفيزياء والفسيولوجيا، أي وظائف الأعضاء، وغيرها) لا تزال أصوله ولا يزال كثير من فروعه في ذهني. وما جاء في الفصول الأولى من كتابي «تعريف عام بدين الإسلام» لم أنقله نقلاً عن الكتب التي قال أحدُ مَن كتب عنه إنني نقلته منها، وكيف وقد ذكرت أسسه في هذه الرسالة وهي مطبوعة سنة 1348، وسمعه مني الطلاّب على مدى عقود من السنين، وطبع في المذكّرات الجامعية في أعوام كثيرة متعاقبة، ونشرت بعضه في «الرسالة» من أكثر من خمس وأربعين سنة، والكتب التي ظن الأخ الناقد أنني نقلت منها طُبعت بعد ذلك التاريخ بزمن طويل.

* * *

أقرأ الرسالة الآن فأعجب والله كيف كتبتها وأنا ابن إحدى وعشرين سنة فقط! لقد نضجت مبكراً، وما بعد نضج الطعام إلا احتراقه، فهل ترونني لهذا احترقت مبكراً؟ ولكن من قال إنني احترقت؟ أأنكر نعمة ربي وقد أمرني أن أذكرها وأن أحدّث بها؟ أليس في هذا التواضع السخيف مني جحود لما أكرمني به ربي؟ اللهم إنني معترف بفضلك مؤمن بأن القوّة منك، لا حول ولا قوة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015