أما فرقة فاطمة رشدي فلم أحضر تمثيلها وحضرت تمثيل الفرقتين الأخريَين، ومنها (أي من الرواية التي حضرتها لكل منهما) كان علمي كله بالتمثيل، وكان اشتغالي بالروايات الخمس التي ألّفتها وعلّمت التلاميذ تمثيلها.

وبلغ من إعجابي بمسرحية يوسف وهبي التي شاهدتها أن قمت من بين الناس بعد إرخاء الستار فألقيت خطبة في التعليق عليها والإعجاب بها! وكان يوسف وهبي يعرف التصفيق وصيحات الإعجاب، ولكن لم يرَ يوماً مَن يقوم فيخطب في مدحه، فعاد فرفع الستارة، ووقف الممثلون جميعاً وجعلوا ينصتون لما كنت أقول ثم ينحنون لي شاكرين وتضجّ الدار بالتصفيق. وكان ذلك في «العباسية» القديمة، وكانت حماقة مني ونزوة شباب أخجل من ذكرها، وإن ذكرتها.

أما السينمات فمن التاريخ الاجتماعي لدمشق أن أقول إنه كان لدينا أيام العثمانيين دار سينما للدعاية العسكرية كانت في موضع البرلمان، ثم كان بعدها داران لم أدخلهما، «الزهرة» (أو الزهراء) في موضوع عمارة القباني في المرجة، و «سينما النصر» في سوق الخيل، وكل ذلك قبل أن تنطق السينما، ثم كانت «الكوزموغراف» في مدخل البَحْصَة، وكلها من دور الدرجة الثالثة. ثم أنشئت «الإمبَيَر» في بوّابة الصالحية، و «العباسية» كانت بناء من طبقتين من اللبِن والخشب في موضع العمارة الضخمة القائمة اليوم، وكل ذلك ملك الأوقاف!

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015