التعليم وفي الدراسة، قلت: "أما التاريخ فحسبك أن تعلم أن التلاميذ جميعاً لا يعلمون من تاريخ قتيبة والمهلَّب وابن القاسم عُشر ما يعلمون من تاريخ الثورة الفرنسية ونابليون، ولا من أخبار الأدارسة أو بني طولون ما يعرفون من تاريخ الملوك من بني بوربون".

وكان ذلك حقاً؛ فقد درسنا من تاريخ فرنسا من أيام ملوكها الميروفنجيين إلى عودة شارل العاشر إلى عرشها أكثر (أكثر بكثير) ممّا درسنا عن الخلفاء الأمويين والعباسيين، وعرفنا عن الثورة الفرنسية (ولا أزال أعرف) عن مراحلها كلها يوماً بعد يوم، وتفاصيلها كلها حادثاً بعد حادث، ما لم نعرف مثله عن تاريخ الفتوح وسِيَر الخلفاء.

أما اللغة الفرنسية فقد بدؤوا تعليمها من أول المدرسة الابتدائية، تمشي مع اللغة العربية خطوة خطوة. وما في الدنيا أمة حيّة حُرّة واعية تعلّم أبناءها لغة أجنبية قبل أن يُتقِنوا لغتهم القومية.

* * *

وكنا -مع هذا كلّه- نعيش بقايا النهضة التي كانت سنة 1919، لم نكن قد بلغنا من الضّعف في العربية ما بلغناه اليوم. أفليس عجباً أن نكون أيام حكم الفرنسيين أقوى في العربية ممّا عليه الطلاّب الآن وقد زال حكم الأجنبي (أعني الحكم المباشر) عن بلادنا؟ بل إن منها ما لم يحكمه أجنبي قط وتحقق فيه مع ذلك من ضعف الدين والعربية ما كان يتمنّاه المستعمر!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015