من ولايات الدولة العثمانية تضمّ سوريا بحدودها الطبيعية جعلوا منها دولاً: دولة دمشق، ودولة حلب، ودولة العلويين، ودولة الدروز، والباقي صار فلسطين وإمارة شرقي الأردن.

ست دول كانت كلها كالولاية الواحدة! وتلك سُنّة المستعمرين في كل مكان وفي كل زمان، قانون «فرّقْ تَسُدْ». ومن سننهم إضعاف الدين في النفوس واللغة على الألسنة (وإذا استُعبدَت أمة ففي يدها مفتاح قيدها ما دامت محتفظة بدينها ولغتها). وسلكوا إلى هذه الغاية طريقاً خفياً لا يكاد يحسّ إلاّ القليل من الناس بخطر سلوكه، هو أنهم عمدوا إلى علوم الدين، التوحيد والتجويد والتفسير والحديث ومصطلحه والفقه وأصوله، هذه العلوم الكثيرة التي كنّا ندرسها ونؤدي الامتحان فيها فلا ننجح إلاّ إن عرفنا كل واحد منها، جعلوها -من مكرهم- درساً واحداً سَمّوه درس الدين. ثم أوغلوا في الشرّ فلم يعطوه إلاّ ساعة واحدة في الأسبوع، ثم زادوا في الشر إيغالاً فلم يُدخِلوا هذا الدرس في الامتحانات العامّة. وأكثر التلاميذ لا يهمّهم إلاّ النجاح في الامتحان ونيل الشهادة، فصار الدين مهمَلاً، وصاروا يختارون لتدريس علومه أضعفَ المعلّمين، ثم ألحقوه بعلوم العربية وجعلوه جزءاً منها، فأضاعوا علوم الدين. وصنعوا في العربية قريباً من هذا الصنيع، فجعلوا النحو والصرف والإملاء والإنشاء مادة واحدة.

وكان قانون الشهادة الابتدائية أن من أخذ نصف درجة من عشر درجات وكان مجموع درجاته في الدروس (أي المواد كلها)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015