الطفل الذي هَدَته فطرته إلى التفكير في توفير الفلوس القليلة التي تقع في يده ليشتري بها سكّيناً ينتقم به لأبيه (?). فهل هدتنا عقولنا إلى شراء السلاح لنثأر به للوطن المسلوب، والعرض المستباح، والدم المُهراق؟
لقد كنت أرانا نتلقّى بوجوهنا ضربات اليهود فلا نملك إلاّ أن نذهب إلى مجلس الأمن، كما يذهب الولد المدلَّل الناعم إلى المعلّم يقول: أستاذ هذا ضربني! ويكون المعلم مشغولاً عنه فيصرفه بحركة من يده ويقول له: اذهب أنا سأؤدبّه، وهوى المعلم مع الضارب لا مع المضروب.
نحن العرب، نحن المسلمين، نحن أبناءَ مَن فتح الدنيا، نحن سلائل الأبطال الأماجيد، يكون أقصى جهدنا أن نشكو إلى مجلس الأمن: يا مجلس الأمن أدركنا، إن اليهود اعتدوا علينا؟! ويبحث مجلس الأمن ويناقش، ثم إذا أدرنا ظهورنا وانصرفنا مدّوا ألسنتهم لنا ساخرين بنا.
كنت أحني رأسي حياء وأفتّش عن قبر أواري فيه وجهي، ثم أرتدّ حياء من رُفات الجدود أن تطّلع عليّ من جوانب القبر. وكنت أتحرّق وأقول: متى نذكر رجولتنا؟ متى نستعدّ للمعركة الحمراء بالحديد والنار؟ متى نُثبِت للدنيا أننا لا نزال أبناء المعامع وفرسان الحروب؟ متى نقف على أرجلنا ونعتمد بعد الله على أنفسنا، ونعلم أنه لا ينفعنا إلا السلاح؟