الذين أظهروا الإسلام. ثم جاء غورو وخلفاؤه من المفوّضين الفرنسيين الذين حكموا بلادنا وهم غرباء عنا، لا دينهم من ديننا ولا لسانهم من لساننا ولا نحن منهم ولا هم منا. ثم جاءت عهود بكينا في أكثرها منها، ثم بكينا بعدها عليها لمّا ابتُلينا بما هو أشدّ منها.

لم أشعر بأن الحكومة حكومتنا إلاّ في أيام معدودات، منها أيام الشريف فيصلبن الحسين في الشام (وإن كان لي وكان للإسلام في ثورة أبيه الحسين كلام)، ومنها هذا العهد مِن حُكم شكري بك القوتلي، العهد الذي كان فيه أسبوع التسلّح. وأنا هنا أمثّل ولا أستقصي.

والثانية: أني كتبت من قديم أقول (ولست أحفظ الألفاظ ولكن أسوق المعاني): إن لكل أمة يوماً تنشط فيه روحها وتظهر فيه شمائلها وتبدو عظمتها، ولكن هذا اليوم يستفرغ طاقتها ويستنفد ذخيرتها، فلا ترى بعده مثله: مقدونيا لمّا قادها الإسكندر المقدوني، القائد العظيم الذي يُخطئ ناسٌ فيحسبونه ذا القرنين الذي شرّفه فذكره القرآن. الإسكندر الذي مشى بجيشه إلى أقصى الشرق فاتحاً، وامتدّ ظلّ رايته على هذا الركن من الدنيا قروناً، ثم لم يُذكَر اسم مقدونيا في تاريخ المعالي والأمجاد بعده كما لم يُذكَر قبله.

وكذلك اليونان، ملكت يوماً زمام الفكر البشري ثم فقدته ولم تمسكه مرة أخرى. حتى روما التي أقامت مُلكاً قلّ ما يسامقه من الممالك، لم يعُد لها مثل ذلك الملك ولم يعُد يظهر فيها أولئك القُوّاد العظام: يوليوس وأوغسطوس. وعدوّة روما التي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015