والجارية في النساء كالغلام في الرجال، يقعان على من دون البلوغ فيهما (تَضْرِبَانِ بِدُفَّيْنِ) تثنية دفّ -بضمّ الدال، وفتحها-: الذي يَضرب به النساء، وفي "المُحكَم": الذي يُضرَبُ به، والجمع دُفُوف. ذكره في "اللسان". وقال السنديّ: وهو الذي لا جلاجل فيه، فإن كانت فيه فهو الْمِزهَر (?)، والمراد تضربان بدفّين مع الغناء انتهى (فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرِ) أي منعهما أبو بكر الصدّيق - رضي اللَّه تعالى عنه -؛ لعدِم اطلاعه على تقرير النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - إيّاهما على ذلك (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: دَعْهُنَّ) أي اتركهنّ، وجَمعَ الضميرَ مع أن المرجع اثنتان، إشارة إلى أن هذا الحكم لا يخصّ هاتين الجاريتن، فكأنه يقول له: دع النساء يضربن بالدفوف في هذا اليوم، لأنه يوم فرح وسرور. واللَّه تعالى أعلم (فَإنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا) زاد في رواية البخاريّ: "وهذا عيدنا".
وفيهَ تعليل لإباحة ذلك لهنّ، أي لأن كل قوم لهم عيد يلعبون فيه، وهذا اليوم عيدنا، فيباح لهن اللعب فيه .. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديَث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا متّفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له:
أخرجه هنا-33/ 1593 - وفي "الكبرى" 29/ 1795 - بالسند المذكور، وفي 36/ 1597 - عن أحمد بن حفص بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن إبراهيم بن طَهْمَان، عن مالك ابن أنس، عن الزهريّ به. وفي "الكبرى" 30/ 1796 - عن محمد بن عبد اللَّه بن عمّار، عن المعافَى، عن الأوزاعيّ، عن الزهري به. وفيه 30/ 1797 - عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي به. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (خ) 2/ 21 و 2/ 29 و 4/ و 5/ 86 (م) 3/ 21 و (ق) 1898 (أحمد) 6/ 33 و 84 و 99 و 127 و 134 واللَّه تعالى أعلم.
وفوائد الحديث، وبيان مذاهب العلماء في ضرب الدف يوم العيد ستأتي بعد بابين، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...